للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذلك لأن فيما أخبروا به وما أمروا به من الإحكام والإتقان وكشف الحقائق وهدي الخلائق وبيان ما يعلم العقل جملة ويعجز عن معرفته تفصيلا ما يبين أنهم من العلم والمعرفة والخبرة في الغاية التي باينوا بها أعلم الخلق ممن سواهم فيمتنع أن يصدر مثل ذلك من جاهل ضال.

وفيها من الرحمة والمصلحة والهدى والخير ودلالة الخلق على ما ينفعهم ومنع ما يضرهم ما يبين أن ذلك صدر عن راحم بار يقصد غاية الخير والمنفعة للخلق.

وإذا كان ذلك يدل على كمال علمهم وكمال حسن قصدهم فمن تم علمه وتم حسن قصده امتنع أن يكون كاذبا على الله يدعي عليه هذه الدعوى العظيمة التي لا يكون أفجر من صاحبها إذا كان كاذبا متعمدا ولا أجهل منه إن كان مخطئا ...

والعلم بجنس الحق والباطل والخير والشر والصدق والكذب معلوم بالفطرة والعقل الصريح ...

فإذا علم أنه فيما علم الناس أنه حق وأنه خير هو أعلم منهم به وأنصح الخلق فيه وأصدقهم فيما يقول علم بذلك أنه صادق عالم ناصح لا كاذب ولا جاهل ولا غاش. وهذه الطريق يسلكها كل أحد بحسبه ولا يحتاج في هذه الطريق إلى أن يعلم أولا خواص النبوة وحقيقتها وكيفيتها بل أن يعلم أنه صادق بار فيما يخبر به ويأمر به ثم من خبره يعلم حقيقة النبوة والرسالة " (١) وبهذا يتبين لنا أن قول الماتريدية بأن نبوة الأنبياء لا تثبت إلا بالمعجزات قول غير صحيح بل هو باطل عقلا ونقلا وهم في هذا إنما تابعوا المعتزلة واقتفوا أثرهم (٢).

المصدر:الماتريدية دراسة وتقويما لأحمد بن عوض الله بن داخل اللهيبي الحربي - ص ٣٧٩ - ٣٨٧

ثانيا: المعجزة والكرامة عند الماتريدية


(١) ((الأصفهانية)) (ص ٥٠٠ - ٥٠١)، ((النبوات)) (ص٤٠ - ٤٣)، ((الجواب الصحيح)) (٤/ ٢٥٤ وما بعدها)، ((شرح الطحاوية)) (ص ١١٩ - ١٢١).
(٢) انظر ((المغني للقاضي)) عبد الجبار (١٥/ ١٤٧، وما بعدها) و ((شرح الأصول الخمسة)) له أيضا (ص ٥٦٨ وما بعدها).

<<  <  ج: ص:  >  >>