للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأما الباطل منها: فقول من نفى جواز صدور الصغائر عنهم عليهم السلام، وأشنع، وأبشع منه قول من غالى فأفرط، فنفى جواز الخطأ والنسيان والزلة على الأنبياء عليهم السلام؛ فإن هؤلاء قد رفعوهم عن منزلة البشرية والعبودية إلى مرتبة الألوهية مضاهئين به إفراط النصارى. ثم لهؤلاء الغالين موقف ذميم من نصوص الكتاب والسنة الصحيحة المحكمة الصريحة التي تنص على وقوع بعض الذنوب عنهم عليهم السلام فضلا عن النصوص التي تدل على وقوع السهو والنسيان عنهم فيردون ما كان منها أخبار الآحاد ويحرفون ما كان منها متواترا بحجة تنزيه الأنبياء عليهم السلام عن الذنوب وتوقيرهم كما يصنعون مثل ذلك في باب الصفات فيعطلون كثيرا منها ويحرفون نصوصها بحجة تنزيه الله تعالى عن مشابهة الخلق ولهذا قالوا (إذا تقعر هذا فما نقل عن الأنبياء عليهم السلام مما يشعر بكذب أو معصية فما كان منقولا بطريق الآحاد فمردود وما كان بطريق التواتر فمصروف عن ظاهره إن أمكن وإلا فمحمول على ترك الأولى أو كونه قبل البعثة) (١).فأنت ترى أيها المسلم أن هذا الموقف من النصوص الشرعية ليس موقف من يؤمن بها ولذا قال شيخ الإسلام فيهم (والمنكرون لذلك " أي لجواز صدور الصغائر عن الأنبياء" يقولون في تحريف القرآن ما هو من جنس قول أهل البهتان ويحرفون الكلم عن مواضعه ... ) (٢).وقال (والرادون لذلك تأولوا ذلك بمثل تأويلات الجهمية والقدرية والدهرية لنصوص الأسماء والصفات ونصوص القدر ونصوص المعاد وهي من جنس تأويلات الباطنية التي يعلم بالاضطرار أنها باطلة وأنها من باب تحريف الكلم عن مواضعه وهؤلاء يقصد أحدهم تعظيم الأنبياء فيقع في تكذيبهم ويرد الإيمان بهم فيقع في الكفر بهم) (٣).قلت: هذا يكفي لبيان فساد أقوال الغالين، ومن أراد البسط والاطلاع على إبطال شبهاتهم فليرجع إلى الكتب المبسوطة لأئمة السنة (٤).

بيان القول الحق الوسط في باب العصمة:


(١) انظر من كتب الماتريدية: ((شرح العقائد)) (ص: ١٤٠) ((شرح المواقف)) (٨/ ٢٦٨) ((شرح الشفاء)) (٢/ ٢٠٠) ((شرح الفقه الأكبر)) (ص: ٩٣) كلاهما للقاري، وحاشية الكستلي على ((شرح العقائد)) (ص: ١٧١ – ١٧٢) و ((النبراس)) (ص: ٤٥٥ - ٤٥٧).
(٢) ((منهاج السنة)) (١/ ٢٢٧) و ((مجموع الفتاوى)) (١٠/ ٣١٣ - ٣١٤).
(٣) ((مجموع الفتاوى)) (١٠/ ٢٩٥ - ٣١٣ - ٣١٤).
(٤) انظر على سبيل المثال ((منهاج السنة)) (١/ ٢٢٦ - ٢٢٨) ((مجموع الفتاوى)) (٤/ ٣١٩ - ٣٢٠ – ٢٨٩ - ٣١٣ - ، ١٥/ ١٤٧ - ١٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>