للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا ظهر للقارئ بطلان الأقوال الفاسدة في باب عصمة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فليعلم أن القول الحق الوسط بين إفراط أهل البدع الذين يضاهئون بإفراطهم النصارى وبين تفريطهم الذي يضاهئون به اليهود في حق الأنبياء عليه السلام - هو القول بجواز الصغائر والخطأ والنسيان على الأنبياء عليهم السلام مع تنبيه الله لهم وعدم إقرارهم عليها. قال شيخ الإسلام: (واعلم أن المنحرفين في مسألة العصمة على طرفي النقيض كلاهما مخالف لكتاب الله من بعض الوجوه قوم أفرطوا في دعوى امتناع الذنوب حتى حرفوا نصوص القرآن المخبرة بما وقع منهم من التوبة من الذنوب ومغفرة الله لهم ورفع درجاتهم بذلك وقوم فرطوا في أن نزههم الله عنها وهؤلاء مخالفون للقرآن وهؤلاء مخالفون للقرآن ومن اتبع القرآن على ما هو عليه من غير تحريفه كان في الأمة الوسط مهتديا إلى الصراط المستقيم صراط الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين) (١).وقال: (والجمهور الذين يقولون بجواز الصغائر عليهم يقولون: إنهم معصومون من الإقرار عليها وحينئذ فما وصفوهم إلا بما فيه كمالهم فإن الأعمال بالخواتيم مع أن القرآن والحديث وإجماع السلف معهم ... ) (٢).وقال: (وأما قوله - أي ابن المطهر الرافضي (٧٧٦هـ) صاحب (منهاج الكرامة) - إن هذا ينفي الوثوق ويوجب التنفير فليس هذا بصحيح فيما قبل النبوة ولا فيما يقع خطأ ... ) (٣).وقال: (فإن القول بأن الأنبياء معصومون عن الكبائر دون الصغائر هو قول أكثر علماء الإسلام وجميع الطوائف حتى إنه قول قول أكثر أهل الكلام كما ذكر أبو الحسن الآمدي أن هذا قول أكثر الأشعرية وهو أيضا قول أكثر أهل التفسير والحديث والفقهاء بل لم ينقل عن السلف والأئمة والصحابة والتابعين وتابعيهم إلا ما يوافق هذا القول) (٤).وقال (وأما العصمة في غير ما يتعلق بتبليغ الرسالة فللناس فيه نزاع هل هو ثابت بالعقل أو بالسمع ومتنازعون في العصمة من الكبائر والصغائر أو من بعضها والقول الذي عليه جمهور الناس وهو الموافق للآثار المنقولة عن السلف - إثبات العصمة من الإقرار على الذنوب مطلقا والرد على من يقول إنه يجوز إقرارهم عليها .. ) (٥).

هذه المسائل الست التي كان الخلاف فيها معنويا عند السبكي وأبي عذبة لكنك عرفت أن الخلاف في المسألتين الثالثة والرابعة لفظي.

أما المسائل التي فيها خلاف لفظي فهي سبع مسائل:

المسألة الأولى:

الاستثناء في الإيمان وهو قول الرجل: أنا مؤمن إن شاء الله.


(١) ((مجموع الفتاوى)) (١٥/ ١٥٠) ((دقائق التفسير)) (ص: ٢٨٠).
(٢) ((منهاج السنة)) (١/ ٢٢٧).
(٣) ((مجموع الفتاوى)) (٤/ ٣١٩).
(٤) ((مجموع الفتاوى)) (١٠/ ٢٩٢ - ٢٩٣).
(٥) ((مجموع الفتاوى)) (١٠/ ٢٩٢ - ٢٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>