للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٨ - وقال المحدث المباركفوري في شرح كلام الإمام الترمذي هذا: "قوله: وأما الجهمية فأنكرت هذه الروايات" إلخ قال الحافظ في (مقدمة الفتح): "الجهمية من ينفي صفات الله تعالى التي أثبتها الكتاب والسنة، ويقول: القرآن مخلوق"."وقالوا: هذا تشبيه" وذهبوا إلى وجوب تأويلها "فتأولت الجهمية هذه الآيات وفسروها على غير ما فسر أهل العلم" فتفسيرهم لهذه الآيات ليس إلا تحريفاً فالحذر الحذر عن تأويلهم وتفسيرهم، "وقالوا: "إن الله لم يخلق آدم بيده وقالوا: "إنما معنى اليد القوة" فغرضهم من هذا التأويل هو نفي اليد لله تعالى ظناً منهم أنه لو كان له تعالى يد لكان تشبيهاً، ولم يفهموا أن مجرد ثبوت اليد له تعالى ليس بتشبيه، "وقال إسحاق بن إبراهيم" هو إسحاق بن راهويه: "إنما يكون التشبيه إذا قال يد كيد الخ" هذا جواب عن قول الجهمية" (١).

٩ - وقال شيخ الإسلام: "فمن قال: إن علم الله كعلمي، أو قدرته كقدرتي، أو كلامه مثل كلامي أو إرادته، ومحبته، ورضاه، وغضبه مثل إرادتي، ومحبتي ورضائي وغضبي؛ أو استواؤه على العرش كاستوائي، ونزوله كنزولي، أو إتيانه كإتياني، ونحو ذلك - فهذا قد شبه الله ومثَّله بخلقه، تعالى الله عما يقولون؛

وهو ضال، خبيث، مبطل، بل كافر، ومن قال: إن الله ليس له علم ولا قدرة ولا كلام، ولا مشيئة ولا سمع، ولا بصر، ولا محبة ولا رضى، ولا غضب، ولا استواء، ولا إتيان ولا نزول - فقد عطل أسماء الله الحسنى وصفاته العلا، وألحد في أسماء الله وآياته؛ وهو ضال، خبيث، مبطل، بل كافر" (٢).

قلت: لقد ظهر ظهوراً بيناً من نصوص هؤلاء الأئمة أن إثبات الصفات لله تعالى بلا تكييف ولا تمثيل ليس فيها شائبة من التشبيه وأن هذا عين التنزيه فالذين فسروا التشبيه من الجهمية وأذيالهم من الماتريدية وغيرهم بغير ما فسره به أئمة الهدى فقد حرفوا النصوص وقلبوا التوحيد وعطلوا الصفات ورموا أئمة السنة بالتشبيه والتجسيم والكفر والشرك والوثنية بهتاناً وعدواناً ولم يعرفوا حقيقة التشبيه ولا حقيقة التنزيه بل ولا حقيقة التوحيد.

اعتراف الماتريدية والأشعرية:

لقد اعترف أئمة الماتريدية والأشعرية - شعروا أم لا- بأن إثبات الصفات لله تعالى على طريقة السلف ليس من باب التشبيه أصلاً، وإليك بعض الأمثلة من اعترافاتهم:١ - الإمام أبو منصور الماتريدي إمام الماتريدية اعترف بذلك في صدد رده على المعتزلة: فقال: "وليس إثبات الأسماء، وتحقيق الصفات تشابه، لنفي حقائق ما في الخلق عنه ... لكنا أردنا به ما يسقط التشبيه من قولنا عالم لا كالعلماء وهذا في كل ما نسميه، ونصفه؛ والله الموفق" (٣).


(١) ((تحفة الأحوذي)) (٢/ ٢٤)، ((الطبعة الحجرية الهندية))، (٣/ ٣٣٢)، ((طبعة لبنان دار الفكر))، و (٣/ ٢٦٧ - ٢٦٨)، ط/دار الكتب العلمية.
(٢) ((مجموع الفتاوى)) (١١/ ٤٨٢)، و ((مثله التدمرية)) (ص٣٠)، و ((ضمن مجموع الفتاوى)) (٣/ ١٦).
(٣) ((كتاب التوحيد)) للماتريدي (ص٢٤ - ٢٥)، وانظر أيضاً (ص٩٣ - ٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>