للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خامسا – الحرمان من الشرب من حوض رسول الله صلى الله عليه وسلمما أشد عطش الناس يوم القيامة؟! ومن أشد الحرمان أن يحرم العبد المسلم من أن يشرب من حوض نبينا محمد صلى الله عليه وسلم شربة لا يظمأ بعدها أبدا، ويخشى على المبتدعة المفارقين لجماعة المسلمين أن يكونوا ممن يحال بينهم وبين الشرب من الحوض (١).ففي الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إني على الحوض حتى أنظر من يرد علي منكم، وسيؤخذ ناس دوني، فأقول: يا رب مني ومن أمتي، فيقال: هل شعرت ما عملوا بعدك؟ والله ما برحوا يرجعون على أعقابهم)) (٢).وقال صلى الله عليه وسلم: ((أنا فرطكم على الحوض، ليرفعن إلي رجالا منكم حتى إذا أهويت لأناولهم اختلجوا دوني، فأقول: أي رب، أصحابي، فيقول: لا تدري ما أحدثوك بعدك)) (٣).

سادسا – الموت ميتة جاهليةإن هذا المفارق للجماعة لو مات وهذا حاله فميتته ميتة جاهلية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من خرج من الطاعة وفارق الجماعة فمات، مات ميتة جاهلية)). (٤) ويقول صلى الله عليه وسلم: ((من رأى من أميره شيئا يكرهه فليصبر، فإنه من فارق الجماعة شبرا فمات فميتته جاهلية)) (٥) والمراد بالمفارقة: السعي في حل عقد البيعة التي حصلت للأمير ولو بأدنى شيء، فكنى عنها بمقدار الشبر لأن الأخذ في ذلك يؤول إلى سفك الدماء بغير الحق (٦).فهذا وعيد شديد لكل من يسعى لقلب الحكم وحل البيعة بسيفه بالإفساد كالتفجير والتهديد والقتل وإخلال الأمن، أو بلسانه بتأليب الناس على الإمام وتحريضهم للخروج عليه، فمن هذا شأنه ومات على ذلك فحال موته كموت أهل الجاهلية على ضلال وليس له إمام مطاع، لا أنه يموت كافرا بل يموت عاصيا (٧).


(١) انظر ((فتح الباري)) (١١/ ٣٨٥، ٤٦٣)، ((الاعتصام)) للشاطبي (ص٥٤) ((التذكرة)) للقرطبي (ص٣٠٦)، ((الأمر بالاتباع والنهي عن الابتداع)) لجلال الدين السيوطي (ص١٥ – ٢٣)، ((النهاية في الفتن والملاحم)) لابن كثير (١/ ٢٣٦).
(٢) رواه البخاري (٦٥٩٣)، ومسلم (٢٢٩٣).
(٣) رواه البخاري (٦٥٧٦)، ومسلم (٢٢٩٧)
(٤) رواه مسلم (١٨٤٨)
(٥) رواه البخاري (٧٠٥٤) ومسلم (١٨٤٩)
(٦) انظر ((فتح الباري)) (١٣/ ٦ - ٧).
(٧) انظر ((فتح الباري)) (١٣/ ٧) بتصرف وزيادة.

<<  <  ج: ص:  >  >>