للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: هذه كانت نماذج من درر غرر أئمة الإسلام في صفة "النزول" ونصوصها.

الحاصل: أنه قد تبين للقراء الكرام في ضوء ما عرضنا من نصوص الأئمة الحنفية وغيرهم من أئمة هذه الأمة ما يلي:

١ - أن تعطيل صفة النزول وتحريف نصوصها أو إنكارها من بدع الجهمية وأذيالهم.

٢ - أن السلف الصالح ولاسيما أئمة الحنفية أبو حنيفة وأصحابه القدامى قد أثبتوا لله تعالى صفة النزول، على منهج إثباتهم للصفات الأخرى بلا تكيف ولا تمثيل ولا تأويل، ولا تعطيل ...

٣ - أن الحنفية الماتريدية مخالفون لإمامهم أبي حنيفة وأصحابه الأوائل والسلف عامة وأنهم خارجون على إجماعهم وليس لهم أي صلة بعقيدتهم وأنهم أتباع الجهمية الأولى.

المقام الثاني:

في إبطال شبهاتهم حول نصوص صفة "النزول".

لقد عطل طوائف من المعطلة من الجهمية الأولى إلى الماتريدية صفة نزول الله تعالى وحرفوا نصوصها بأنواع من التأويلات والمجاز فراراً عن التشبيه وتحقيقاً للتنزيه على زعمهم.

فمن تلك التأويلات: أن المراد نزول الأمر، أو نزول الملك.

وركز الكوثري في تحريفاته وتعطيله لصفة النزول على أمور أربعة: الأول: رواية النسائي عن أبي هريرة وأبي سعيد بلفظ: ((إن الله عز وجل يمهل حتى يمضي شطر الليل الأول ثم يأمر منادياً ينادي يقول: هل من داع يستجاب له؟ هل من مستغفر يغفر له؟ هل من سائل يُعطى)) (١).قال الكوثري: " ... أو أن يحمل الحديث على المجاز في الطرف أو في الإسناد بل الأخير هو المتعين لحديث النسائي المذكور فيخرج حديث النزول من عداد أحاديث الصفات بالمرة عند من فكر وتدبر تعالى الله عن النقلة التي يقول بها المجسمة" (٢).

الثاني: رواية عن الإمام مالك رواها حبيب بن أبي حبيب كاتب مالك قال:

"سئل مالك بن أنس عن قول النبي صلى الله عليه وسلم ((ينزل ربنا ... )) قال ينزل أمره، كل سحر وأما هو فهو دائم لا يزول وهو بكل مكان".ودافع الكوثري عن "حبيب" هذا (٣).الثالث: رواية عن الإمام أحمد رحمه الله تعالى رواها عنه حنبل أنه قال "ينزل قدرته" (٤).الرابع: أي لفظ الحديث: "يُنْزِل" بضم أوله وكسر الزاي المعجمة من باب الإفعال على حذف المفعول: أي ينزل ملكاً، ويقويه حديث النسائي ((ثم يأمر منادياً)) (٥) (٦).

قلت: هذه أربعة معاول للكوثري وقَبْلَه لطوائف المعطلة من الماتريدية وغيرهم هدموا بها نصوص صفة "النزول" وعطلوها بها.

ولنا عن هذه الشُّبَهِ جوابان إجمالي وتفصيلي:

أما الإجمالي:

فنقول: لقد حققنا بالبراهين القاطعة الساطعة الناصعة أن تأويل الصفات

أولاً: دخيل على المسلمين من الجهمية الأولى وليس ذلك من منهج السلف في شيء وأنه بدعة محضة في الإسلام ومخالف لإجماع أئمة هذه الأمة، ولاسيما نصوص الإمام أبي حنيفة وأصحابه الأوائل.


(١) رواه النسائي في ((الكبرى)) (٦/ ١٢٤) وأبو يعلى (١٠/ ٣٤٢) (٥٩٣٦) قال ابن تيمية في ((الفتاوى)) (٥/ ٣٨٤) موضوع، وقال الألباني في ((الضعيفة)) (٣٨٩٧) منكر بهذا اللفظ
(٢) ((تبديد الظلام)) (ص ٩٠، ٥٣)، و ((مقالات الكوثري)) (ص ٣٤٩)، و ((تعليقاته على الأسماء والصفات)) للبيهقي (ص ٤٤٩ - ٤٥٠)، وتعليقاته على كتاب ((التنبيه والرد ... )) لأبي الحسين محمد بن أحمد الملطي (ص ١٠٩).
(٣) ((تبديد الظلام)) للكوثري ((مع السيف الصقيل)) للسبكي (ص ١١٢ - ١١٣).
(٤) ((تبديد الظلام)) للكوثري (ص ٥٣)، و ((تعليقاته على الأسماء والصفات)) للبيهقي (ص ٤٤٨).
(٥) رواه النسائي في ((الكبرى)) (٦/ ١٢٤) وأبو يعلى (١٠/ ٣٤٢) (٥٩٣٦) قال ابن تيمية في ((الفتاوى)) (٥/ ٣٨٤) موضوع، وقال الألباني في ((الضعيفة)) (٣٨٩٧) منكر بهذا اللفظ
(٦) (تعليقاته على الأسماء والصفات)) (ص ٤٤٩ - ٤٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>