للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: أما هؤلاء الجهمية الماتريدية المحرفة فلا يؤمنون بهذا الذي صرح الله تعالى به من قوله "كن".فقد صرح كبيرهم أبو منصور الماتريدي قائلاً: "ليس هو قول من الله أن "كن" بالكاف والنون، ولكنه عبارة بأوجز كلام يؤدي المعنى التام المفهوم .. " (١).وهكذا الماتريدية بعد أبي منصور الماتريدي صرحوا بأنه ليس هناك قول "كن" وإنما هو مجاز وتمثيل عن "سرعة التكوين" (٢).قلت: هذه المقالة والله - تعطيل بواح وتكذيب صراح لكتاب الله وخالفهم فخر الإسلام وقال: كلمة "كن" تكلّم الله بها حقيقة لا مجازا، فشفى واشتفى" (٣).وهذا هو أبو منصور الماتريدي الذي يلقبونه "بإمام الهدى، وعلم الهدى ومصحح عقائد المسلمين، ورئيس أهل السنة، وناصر السنة، وقامع البدعة، ومحيي الشريعة، وقدوة أهل السنة، ورافع أعلام السنة، وقالع أضاليل الفتنة والبدعة، ومهدي هذه الأمة وإمام أهل السنة"، كما تقدم في ترجمته. كما لقبوه "بشيخ الإسلام" (٤).وللإمام أبي الحسن الأشعري (٣٢٤هـ) كلام متقن وحجج عقلية وبراهين سمعية، تقطع دابر هؤلاء المنكرين لقول الله تعالى "كن" (٥).

٣ - وقال شيخ الإسلام:

"وفي الجملة: حيث ذكر الله في كتابه عن أحد من الخلق من الأنبياء أو أتباعهم أو مكذبيهم: "أنهم قالوا، ويقولون: وذلك قولهم، وأمثال ذلك -

فإنما يعني به "المعنى مع اللفظ،

فهذا اللفظ وما تصرف منه من فعل ماض ومضارع وأمر ومصدر واسم فاعل، من لفظ القول والكلام ونحوهما.

إنما يعرف في القرآن والسنة وسائر كلام العرب -

إذا كان لفظاً ومعنىً وكذلك أنواعه، كالتصديق والتكذيب، والأمر والنهي وغير ذلك.

وهذا مما لا يمكن أحداً جحده، فإنه أكثر من أن يحصى.

ولم يكن في مسمى "الكلام" نزاع بين الصحابة والتابعين لهم بإحسان وتابعيهم لا من أهل السنة، ولا من أهل البدعة.

بل أول من عرف في الإسلام أنه جعل مسمى الكلام المعنى فقط.

هو عبدالله بن سعيد بن كلاب.

وهو متأخر في زمن محنة أحمد بن حنبل.

وقد أنكر ذلك عليه علماء السنة وعلماء البدعة.

فيمتنع أن يكون الكلام الذي هو أظهر صفات بني آدم.

كما قال الله تعالى: فَوَرَبِّ السَّمَاء وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُون [الذاريات: ٢٣]

ولفظه لا تحصى وجوهه كثرةً - ولم يعرفه أحد من الصحابة والتابعين وتابعيهم حتى جاء من قال فيه قولاً لم يسبقه أحداٌ من المسلمين" (٦).

٤ - وقال: "وإذا كان الله إنما أنزل القرآن بلغة العرب. فهي لا تعرف التصديق والتكذيب وغيرها من الأقوال إلا ما كان "معنى ولفظاً"، أو"لفظاً" يدل على معنى ... " (٧).


(١) ((تأويلات أهل السنة)) للماتريدي (١/ ٢٦٨)، تحقيق إبراهيم عوضين والسيد عوضين، و (١/ ٢٣٣)، تحقيق جاسم الجبوري، وسكتوا عليه.
(٢) ((بحر العلوم)) لأبي الليث السمرقندي (١/ ٤٦٥)، و ((مدارك التنزيل)) (١/ ٨٣)، و ((إرشاد العقل السليم)) (ص ٢١)، و ((كشف الأسرار للبخاري)) (١/ ١١٢ - ١١٣).
(٣) ((كنز الوصول)) (ص ٢١) و ((مع شرحه كشف الأسرار)) (١/ ١١٢ - ١١٣).
(٤) ((المبدأ المعاد)) (٢/ ١٢٨)، على هامش المكتوبات "الترجمة العربية" لمن يسمونه مجدد الألف الثاني الإمام الرباني أحمد السرهندي إمام الطريقة المجددية من طرق النقشبندية.
(٥) انظر ((الإبانة)) (ص ٦٥ - ٦٦)، تحقيق فوقية و (ص ٥٢/ ٥٣)، تحقيق الأرناؤوط، طبعة دار البيان، و (ص ٨٦ – ٨٨)، طبعة الجامعة الإسلامية، وراجع أيضاً: ((كتاب الاعتقاد))، و ((الأسماء والصفات)) (ص ١٩٢)، كلاهما للبيهقي، و ((فتح الباري)) (١٣/ ٤٥٤).
(٦) ((كتاب الإيمان)) (ص ١٢٨)، و ((ضمن مجموع الفتاوى)) (٧/ ١٣٤).
(٧) ((كتاب الإيمان)) (ص ١٢٦)، و ((ضمن مجموع الفتاوى)) (٧/ ١٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>