قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب. وروي عن سفيان الثوري، عن يزيد بن أبي زياد، نحو حديث إسماعيل بن أبي خالد، عن يزيد بن أبي زياد عن عبد اللَّه بن الحارث، عن العباس بن عبد المطلب. قوله: «جاء العباس» ، أي غضبان «وكأنه سمع شيئا» ، أي من الطعن في نسبه أو حسبه، «فقال: من أنا؟» استفهام تقرير علي جهة التبكيت، «فقالوا: أنت رسول اللَّه، فلما كان قصده صلى اللَّه عليه وسلّم بيان نسبة وهم عدلوا عن ذلك المعني، ولم يكن الكلام في ذلك المبني، «أنا محمد بن عبد اللَّه بن عبد المطلب» ، يعني وهما معروفان عند العارف المنتسب. قال الطيبي: قوله: «فكأنه سمع» ، مسبب عن محذوف، أي جاء العباس غضبان بسبب ما سمع طعنا من الكفار في رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم، نحو قوله تعالي: لَوْلا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ، كأنهم حقّروا شأنه، وأن هذا الأمر العظيم الشأن لا يليق إلا بمن هو عظيم من إحدى القريتين، كالوليد بن المغيرة، وعروة بن مسعود الثقفي مثلا، فأقرهم صلى اللَّه عليه وسلّم، علي سبيل التبكيت، علي ما يلزم تعظيمه وتفخيمه، فإنه الأولى بهذا الأمر من غيره، لأن نسبه أعرف. ومن ثم لما قالوا: أنت رسول اللَّه، ردّهم بقوله: أنا محمد بن عبد اللَّه. (تحفة الأحوذي) : ١٠/ ٥٤. وابن الأثير في (جامع الأصول) : ٨/ ٥٣٦، حديث رقم (٦٣٣٨) ، رقم (٦٣٣٩) . والإمام أحمد في (المسند) : ١/ ٣٤٥، حديث رقم (١٧٩١) ، حديث رقم (١٧٩٣) . وأبو حيان الأندلسي في (البحر المحيط) : ٨/ ١٩٨، عند تفسير قوله تعالي من سورة الأعراف: وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ الَّذِي يَراكَ حِينَ تَقُومُ وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ، قال ابن عباس: في أصلاب آدم، ونوح، وإبراهيم، حتى خرجت. وابن كثير في (التفسير) : ٣/ ٣٦٥، وروى البزار وابن أبي حاتم، من طريقين عن ابن عباس أنه قال في هذه الآية وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ: يعني تقلبه من صلب نبي إلي صلب نبي، حتى أخرجه نبيا.