«وما كان فوق فهر فليس بقرشيّ بل هو كناني، ابن مالك بن النضر واسمه قيس بن كنانة بن خزيمة بن مدركة، واسمه عمرو بن إلياس بن مضر. وروى الطبراني بإسناد جيد، عن عائشة قالت: «استقام نسب الناس إلى معد بن عدنان» . ومضر بضم الميم وفتح المعجمة، يقال: سمي بذلك لأنه كان مولعا بشرب اللبن الماضر، وهو الحامض، وفيه نظر لأنه يستدعي أنه كان له اسم غيره قبل أن يتصف بهذه الصفة، نعم يمكن أن يكون هذا اشتقاقه، ولا يلزم أن يكون متصفا به حال التسمية، وهو أول من حدا الإبل. وروى ابن حبيب في تاريخه عن ابن عباس قال: «مات عدنان، وأبوه، وابنه معد، وربيعة، ومضر، وقيس، وتميم، وأسد وضبّة، على الإسلام على ملة إبراهيم عليه السلام. وروى الزبير بن بكار من وجه آخر، عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما: «لا تسبوا مضر ولا ربيعة، فإنّهما كانا مسلمين» ، ولابن سعد من مرسل عبد اللَّه بن خالد، رفعه: «لا تسبوا مضر فإنه كان قد أسلم» . قوله: «من بني النضر بن كنانة» ، أي المذكور، وروى أحمد وابن سعد، من حديث الأشعث ابن قيس الكندي قال: «قلت: يا رسول اللَّه، أنّا نزعم أنكم منا- يعني من اليمن- فقال: نحن بنو النضر بن كنانة» . وروى ابن سعد من حديث عمرو بن العاص، بإسناد فيه ضعف مرفوعا «أنا محمد بن عبد اللَّه، وانتسب حتى بلغ النضر بن كنانة، قال: فمن قال غير ذلك فقد كذب» . وإلى النضر تنتهي أنساب قريش، وسيأتي بيان ذلك في الباب الّذي يليه [من أبواب البخاري] ، وإلى كنانة منتهي أنساب أهل الحجاز. وقد روى مسلم من حديث واثلة مرفوعا: «إن اللَّه اصطفي كنانة من ولد إسماعيل، واصطفي من كنانة، قريشا، واصطفي من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم» . ولابن سعد من مرسل أبي جعفر الباقر: ثم اختار بني هاشم من قريش، ثم اختار بني عبد المطلب من بني هاشم. قوله: «وأظنها زينب» كأن قائله موسي، لأن قيس بن حفص في الرواية التي قبلها قد جزم بأنها زينب، وشيخهما واحد. لكن أخرجه الإسماعيلي من رواية حبان بن هلال، عن عبد الواحد وقال: لا أعلمها إلا زينب، فكأن الشك فيه من شيخهم عبد الواحد، كان يجزم بها تارة، ويشك تارة أخرى.