للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب


[ () ] ابن شهاب، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، وعبد الرحمن الأعرج أنهما حدّثاه أن أبا هريرة قال: «استبّ رجلان، رجل من المسلمين ورجل من اليهود، فقال المسلم: والّذي اصطفى محمدا على العالمين، فقال اليهودي: والّذي اصطفى موسى على العالمين. قال: فغضب المسلم عند ذلك، فلطم وجه اليهودي، فذهب اليهوديّ إلى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم، فأخبره بما كان من أمره وأمر المسلم، فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم: لا تخيّروني على موسى، فإن الناس يصعقون يوم القيامة فأكون أول من يفيق، فإذا موسى باطش بجانب العرش، فلا أدري أكان موسى فيمن صعق فأفاق قبلي، أو كان ممن استثنى اللَّه عزّ وجلّ» .
وحديث رقم (٦٥١٨) : حدثنا أبو اليمان، أخبرنا شعيب، حدثنا أبو الزناد عن الأعرج، عن أبي هريرة قال: قال النبي صلى اللَّه عليه وسلّم: «يصعق الناس حين يصعقون، فأكون أول من قام، فإذا موسى آخذ بالعرش، فما أدري أكان فيمن صعق» . رواه أبو سعيد عن النبي صلى اللَّه عليه وسلّم.
قوله: «باب نفخ الصور» تكرر ذكره في القرآن الكريم، في الأنعام، والمؤمنين، والنمل، والزمر، وق، وغيرها، وهو بضم المهملة وسكون الواو، وثبت كذلك في القراءات المشهورة والأحاديث، وذكر عن الحسن البصري أنه قرأها بفتح الواو، جمع صورة، وتأوله على أن المراد النفخ في الأجساد لتعاد إليها الأرواح.
وقال أبو عبيدة في (المجاز) : يقال: الصور- يعني بسكون الواو- جمع صورة، كما يقال: سور المدينة جمع سورة، قال الشاعر:
[فلما أتى خبر الزبير تواضعت سور المدينة] فيستوي معنى القراءتين.
وحكى مثله الطبري عن قوم وزاد: كالصوف جمع صوفة، قالوا: والمراد النفخ في الصّور وهي الأجساد لتعاد فيها الأرواح، كما قال تعالى: وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي، وتعقب قوله: «جمع» ، بأن هذه أسماء أجناس لا جموع، وبالغ النحاس وغيره في الردّ على التأويل، وقال الأزهري: إنه خلاف ما عليه أهل السنة والجماعة.
قال الحافظ ابن حجر في (فتح الباري) : وقد أخرج أبو الشيخ في (كتاب العظمة) ، من طريق وهب بن منبه من قوله قال: خلق اللَّه الصور من لؤلؤ بيضاء في صفاء الزجاجة، ثم قال للعرش:
خذ الصور فتعلق به، ثم قال: كن، وكان إسرافيل، فأمره أن يأخذ الصور، فأخذه وبه ثقب بعدد كل روح مخلوقة، ونفس منفوسة، فذكر الحديث وفيه: «ثم تجمع الأرواح كلها في الصور، ثم يأمر اللَّه إسرافيل فينفخ فيه، فتدخل كل روح في جسدها» ، فعلى هذا فالنفخ يقع في الصور أولا، ليصل النفخ بالروح إلى الصور، وهي الأجساد، فإضافة النفخ إلى الصور الّذي هو القرن، حقيقة، وإلى الصّور التي هي الأجساد، مجاز.
قوله: «قال مجاهد: الصور كهيئة البوق» ، وصله الفريابي من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد، قال في قوله تعالى: وَنُفِخَ فِي الصُّورِ، قال كهيئة البوق، وقال صاحب الصحاح: البوق الّذي يزمر به، وهو معروف، ويقال للباطل، يعني يطلق ذلك عليه مجازا، لكونه من جنس الباطل.
قال الحافظ ابن حجر في (فتح الباري) : لا يلزم من كون الشيء مذموما أن لا يشبه به