للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وله من حديث ابن جريج قال: أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد اللَّه يسأل عن الورود فقال: «نجيء نحن يوم القيامة عن كذا وكذا، انظر أي ذلك فوق الناس، قال: فتدعى الأمم بأوثانها وما كانت تعبد الأول فالأول، ثم يأتينا ربنا بعد ذلك فيقول: من تنظرون؟ فيقولون: ننظر ربنا، فيقول: أنا ربكم، فيقولون: حتى ننظر إليك، فيتجلى لهم يضحك، قال: فينطلق بهم ويتبعونه، ويعطى كل إنسان منهم منافق أو مؤمن نورا، ثم يتبعونه وعلى جسر جهنم كلاليب وحسك، تأخذ من شاء اللَّه، ثم يطفأ نور المنافقين، ثم ينجو المؤمنون، فتنجو أول زمرة، وجوههم كالقمر ليلة البدر، سبعون ألفا لا يحاسبون، ثم الذين يلونهم، كأضواء نجم في السماء، ثم كذلك، ثم تحل الشفاعة، ويشفعون حتى يخرج من النار من قال: لا إله إلا اللَّه، وكان في قلبه من الخير ما يزن شعيرة، فيجعلون بفناء الجنة، ويجعل أهل الجنة يرشون عليهم الماء حتى ينبتوا نبات الشيء في السيل، ويذهب حراقه، ثم يسأل حتى تجعل له الدنيا وعشرة أمثالها معها» [ (١) ] .

[قال كاتبه: هكذا وقع في رواية هذا الحديث «عن كذا وكذا، انظر» .

وقال الحفاظ: هو كلام فاسد غير مستقيم، وصوابه: «على كوم» ، وهو جمع كومة، وهو المكان المشرف، أي نحن فوق الناس، فلم يذكر المؤلف اللفظة أو المكنى عنه، فكنى عنها بكذا وكذا، وفسرها بقوله: «أي ذلك فوق الناس» ، وقوله: «انظر» أي تأمل هذا الموضع واستثبت فيه، فظنه الناسخ من الحديث


[ (١) ] (المرجع السابق) ، حديث رقم (٣١٦) قوله: «حتى ينبتوا نبات الشيء في السيل ويذهب حراقه ثم يسأل حتى تجعل له الدنيا وعشرة أمثالها» ، وهكذا هو في جميع الأصول ببلادنا «نبات الشيء» ، وكذا نقله القاضي عياض عن رواية الأكثرين، وعن بعض رواة مسلم «نبات الدمن» ، يعني بكسر الدال وإسكان الميم، وهذه الرواية هي الموجودة في (الجمع بين الصحيحين) لعبد الحق، وكلاهما صحيح، لكن الأول هو المشهور الظاهر، وهو بمعنى الروايات السابقة «نبات الحبة في حميل السيل «، وأما «نبات الدمن» فمعناها أيضا كذلك، فإن الدمن البعر، والتقدير: نبات ذي الدمن في السيل، أي كما ينبت الشيء الحاصل في البعر، والغثاء الموجود في أطراف النهر، والمراد التشبيه به في السرعة والنضارة، وقد أشار صاحب (المطالع) إلى تصحيح هذه الرواية، ولكن لم ينقح الكلام في تحقيقها، بل قال: عندي أنها رواية صحيحة، ومعناه سرعة نبات الدمن مع ضعف ما ينبت فيه، وحسن منظره. واللَّه تعالى أعلم.
(مسلم بشرح النووي) : ٣/ ٥٠- ٥١.