للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيأتون محمدا صلى اللَّه عليه وسلّم، فيقوم فيؤذن له، وترسل الأمانة والرحم [ (١) ] ، فتقومان جنبتي الصراط يمينا وشمالا، فيمر أوّلكم كالبرق، قال: قلت: بأبي أنت وأمي، أي شيء كمرّ البرق؟ قال: ألم تروا إلى البرق كيف يمر ويرجع في طرفة عين، ثم كمرّ الريح، ثم كمرّ الطير، وشدّ الرجال تجري بهم أعمالهم، ونبيكم [قائم] [ (٢) ] على الصراط، يقول: ربّ سلّم سلّم، حتى تعجز أعمال العباد، حتى يجيء الرجل فلا يستطيع السير إلا زحفا.

قال: وفي حافتي الصراط كلاليب معلقة، مأمورة بأخذ من أمرت به، فمخدوش ناج، ومكدوس في النار، والّذي نفس أبي هريرة بيده، إن قعر جهنم لسبعون خريفا [ (٣) ] .

وخرج البخاري ومسلم من حديث مالك بن أنس، عن عمرو بن يحيى بن عمارة، قال: حدثني أبي، عن أبي سعيد الخدريّ، أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم قال: يدخل اللَّه أهل الجنة الجنة، يدخل من يشاء برحمته، ويدخل أهل النار النار،


[ (١) ] وأما إرسال الأمانة والرحم، فهو لعظم أمرهما، وكثير موقعهما، فتصوران مشخصتين على الصفة التي يريدها اللَّه تعالى، قال صاحب (التحرير) : في الكلام اختصار، والسامع فهم أنهم تقومان لتطالبا كل من يريد الجواز بحقهما. (المرجع السابق) .
[ (٢) ] في (خ) : «ونبيم على الصراط» ، وما أثبتناه من (المرجع السابق) قوله: «فيمر أولهم كالبرق ثم كمر الريح ثم كمر الطير وشد الرجال تجري بهم أعمالهم» ، أما شدّ الرجال فهو بالجيم جمع رجل، هذا هو الصحيح المعروف المشهور.
ونقل القاضي أنه في رواية ابن ماهان بالحاء، قال القاضي: وهما متقاربان في المعنى، وشدّها:
عدوها البالغ وجريها.
وأما قوله صلى اللَّه عليه وسلّم: «تجري بهم أعمالهم» ،
فهو كالتفسير،
لقوله صلى اللَّه عليه وسلّم، «فيمر أولكم كالبرق، ثم كمر الريح.. إلخ»
معناه أنهم يكونون في سرعة المرور على حسب مراتبهم وأعمالهم.
قوله: «والّذي نفس أبي هريرة بيده أن قعر جهنم لسبعون خريفا» ، هكذا هو في بعض الأصول «لسبعون» بالواو، وهذا ظاهر، وفيه حذف تقديره أن مسافة قعر جهنم سير سبعين سنة، ووقع في بعض الأصول والروايات: لسبعين بالياء، وهو صحيح أيضا، أما على مذهب من يحذف المضاف ويبقى المضاف إليه على جره، فيكون التقدير سير سبعين.
وأما على أن قعر جهنم مصدر، قال: قعرت الشيء إذا بلغت قعره، ويكون «سبعين» ظرف زمان، وفيه خبر «أن» ، التقدير أن بلوغ قعر جهنم لكائن في سبعين خريفا، والخريف السنة. واللَّه تعالى أعلم. (المرجع السابق) .
[ (٣) ] والحديث أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب (٨٤) ، حديث رقم (٣٢٩) ، وفي (خ) بعد قوله: وراء وراء» «اعمدوا إلى ابني إبراهيم خليل اللَّه» ، وهو تكرار من الناسخ.