للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولمسلم من حديث عمارة بن القعقاع، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة، قال: وضعت بين يدي رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم قصعة من ثريد ولحم، فتناول الذراع، وكانت أحب الشاة إليه، فنهس نهسة فقال: أنا سيد الناس يوم القيامة، ثم نهس أخرى فقال: أنا سيد الناس يوم القيامة، فلما رأى أصحابه لا يسألونه قال: ألا تقولون كيفه؟ قالوا: كيفه يا رسول اللَّه؟ قال: يقوم الناس لرب العالمين، وساق الحديث بمعنى حديث أبي حيان عن أبي زرعة. وزاد في قصة إبراهيم فقال: وذكر قوله في الكوكب: هذا ربي، وقوله لآلهتهم: بل فعل كبيرهم هذا، وقوله: إني سقيم.

قال: والّذي نفس محمد بيده إن ما بين المصراعين من مصاريع الجنة إلى عضادتي الباب لكما بين مكة وهجر، أو هجر ومكة، قال: لا أدري أي ذلك قال [ (١) ] .

وله من حديث أبي مالك الأشجعي عن أبي حازم، عن أبي هريرة، وأبو مالك عن ربعي [بن خراش] [ (٢) ] ، عن حذيفة قالا: قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم: يجمع اللَّه تبارك وتعالى الناس، فيقوم المؤمنون حتى تزلف لهم الجنة، فيأتون آدم، فيقولون، يا أبانا استفتح لنا الجنة، فيقول: وهل أخرجكم من الجنة إلا خطيئة أبيكم آدم، لست بصاحب ذلك، اذهبوا إلى ابني إبراهيم خليل اللَّه، قال: فيقول إبراهيم:

لست بصاحب ذاك، إنما كنت خليلا من وراء وراء [ (٣) ] أعمدوا إلى موسى صلى اللَّه عليه وسلّم، الّذي كلّمه اللَّه تكليما، فيأتون موسى صلى اللَّه عليه وسلّم فيقول: لست بصاحب ذاك، اذهبوا إلى عيسى كلمة اللَّه وروحه، فيقول عيسى صلى اللَّه عليه وسلّم: لست بصاحب ذاك.


[ (١) ] (المرجع السابق) : ٣/ ٦٩- ٧٠، حديث رقم (٣٢٨) .
[ (٢) ] زيادة للنسب من (خ) .
[ (٣) ]
قوله: «إنما كنت خليلا من وراء وراء» ،
قال صاحب (التحرير) : هذه الكلمة تذكر على سبيل التواضع، أي لست لتلك الدرجة الرفيعة، قال: وقع لي معنى مليح فيه، وهو أن معناه أن المكارم التي أعطيتها كانت بوساطة سفارة جبريل عليه السلام، ولكن ائتوا موسى فإنه حصل له سماع الكلام بغير واسطة، قال: وإنما كرر «وراء وراء» ، لكون نبينا محمد صلى اللَّه عليه وسلّم حصل له السماع بغير واسطة، وحصل له الروية، فقال إبراهيم عليه السلام: أنا وراء موسى الّذي هو وراء محمد صلى اللَّه عليه وعليهم أجمعين وسلّم. هذا كلام صاحب التحرير، وأما ضبط «وراء وراء» ، فالمشهور فيه الفتح فيهما بلا تنوين، ويجوز عند أهل العربية بناؤهما على الضم، على خلاف بين أهل اللغة، فليراجع في مظانه.
(المرجع السابق) .