أخرجه البخاري في الدعوات، باب (١) ، لكل نبي دعوة مستجابة، حديث رقم (٦٣٠٤) ، (٦٣٠٥) . قوله صلى اللَّه عليه وسلّم: «وأريد. أن أختبئ دعوتي شفاعة لأمتي في الآخرة» ، وفي رواية أبي سلمة عن أبي هريرة «فأريد إن شاء اللَّه أن أختبئ» ، وزيادة «إن شاء اللَّه» في هذا للتبرك، ولمسلم من رواية أبي صالح عن أبي هريرة «وإني اختبأت» ، وفي حديث أنس «فجعلت دعوتي» ، وزاد «يوم القيامة» ، وزاد أبو صالح «فهي نائلة إن شاء اللَّه من مات من أمتي لا يشرك باللَّه شيئا. وقوله صلى اللَّه عليه وسلّم «من مات» في محل نصب على المفعولية، و «لا يشرك» في محل نصب على الحال، والتقدير: شفاعتي نائلة من مات غير مشرك، وكأنه صلى اللَّه عليه وسلّم أراد أن يؤخرها ثم عزم ففعل، ورجا وقوع ذلك، فأعلمه اللَّه به، فجزم به. وقد استشكل ظاهر الحديث بما وقع لكثير من الدعوات المجابة، ولا سيما نبينا صلى اللَّه عليه وسلّم، وظاهره أن لكل نبي دعوة مستجابة فقط، والجواب: أن المراد بالإجابة في الدعوة المذكورة القطع بها، وما عدا ذلك من دعواتهم فهو على رجاء الإجابة. وقيل: معنى قوله صلى اللَّه عليه وسلّم: «لكل نبي دعوة» ، أي أفضل دعواته، ولهم دعوات أخرى، وقيل: لكل منهم دعوة عامة مستجابة في أمته، إما بإهلاكهم وإما بنجاتهم، وأما الدعوات الخاصة، فمنها ما يستجاب ومنها ما لا يستجاب، وقيل: لكل منهم دعوة تخصه لدنياه أو لنفسه، كقول نوح: لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ، وقول زكريا: فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي، وقول سليمان: وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي، حكاه ابن التين. والمراد بهذا الحديث أن كل نبي دعا على أمته بالإهلاك إلا أنا فلم أدع، أعطيت الشفاعة عوضا عن ذلك للصبر على أذاهم، والمراد بالأمة أمة الدعوة لا أمة الإجابة....