للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحمل برسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم في عاشوراء المحرم، وولد يوم الاثنين لثنتي عشر ليلة خلت من رمضان سنة ثلاث وعشرين من غزوة أصحاب الفيل.

وله من حديث النضر بن سلمة قال: حدثنا يحيى بن إبراهيم بن أبي قتيلة عن زيد بن أسلم، عن أبيه عن جده أسلم أن عمر بن الخطاب رضي اللَّه عنه كتب إلى سعد بن أبي وقاص وهو بالقادسية أن يسرح نضلة بن معاوية الأنصاري وهو من أصحابه في ثلاثمائة فارس إلى حلوان فيغير على قراها، لعل اللَّه يفيدهم إبلا ورقيقا، فلما انتهى كتاب عمر إلى سعد دعا سعد نضلة فعقد له [لواء] [ (١) ] وقال: اخرج، فسار نضلة حتى إذا شارف حلوان فرّق أصحابه في ثلاث رساتق منها، فأغاروا فأصابوا إبلا ورقيقا وشاءا كثيرا، فانصرفوا فتبعهم المشركون، فكرّ عليهم نضلة وأصحابه فاقتتلوا قتالا شديدا، ثم إن اللَّه صرف وجوه المشركين وولوا، وسار نضلة في أصحابه معهم الغنائم، وأرهق القوم صلاة العصر، فنادى نضلة أصحابه فقال لهم: سوقوا الغنائم إلى سفح الجبل وعليكم بالصلاة.

ثم نزل فأذّن فقال: اللَّه أكبر اللَّه أكبر، فأجابه كلام من الجبل: كبّرت كبيرا يا نضلة، فقال نضلة: أشهد أن لا إله إلا اللَّه، فقال: أخلصت للَّه إخلاصا حرمت جسدك على النار، قال: أشهد أن محمدا رسول اللَّه، قال: نبي بعث خاتم النبيين، وصاحب شفاعة يوم القيامة، قال: حيّ على الصلاة حيّ على الفلاح، قال: البقاء لأمة محمد وهو الفلاح، قال: اللَّه أكبر اللَّه أكبر، قال: كبّرت كبيرا، قال:

لا إله إلا اللَّه، قال أخلصت للَّه إخلاصا.

قال: فتعجب نضلة وأصحابه، فقال نضلة: من أنت يرحمك اللَّه؟ أهاتف من الجن؟ أم عبد صالح جعل اللَّه لك في هذا الجبل رزقا؟ حدثنا ما حالك؟ أرنا وجهك، قال: فانشق الجبل عن رأس كأن هامته رحى، شديد بياض الرأس واللحية، عليه ثياب الصوف، فقال: أنا زريب بن يرثلمي وصيّ العبد الصالح عيسى ابن مريم، سألته فطلب إلى ربه حين رفع، فوهب لي عمرا إلى أن يهبط عليّ. فإن لي في هذا الجبل رزقا، فأقرئ عمر بن الخطاب السلام وقل: سدّد


[ (١) ] زيادة للسياق.