للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صوتا في جوف الليل راعني، فوثبت إلى [ضمار] [ (١) ] مستغيثا، فإذا بالصوت من جوفه وهو يقول:

قل للقبيلة من سليم كلّها ... هلك الأنيس وعاش أهل المسجد

أودي [ضمار] [ (١) ] وكان يعبد مدة ... قبل الكتاب إلى النبي محمد

إن الّذي ورث النبوة والهدى ... بعد ابن مريم من قريش مهتدى

فكتمته الناس، فلما رجع الناس من الأحزاب بينا أنا في إبلي بطرف العقيق من ذات عرق راقد، سمعت صوتا فإذا برجل على جناحي نعامة وهو يقول: النور الّذي وقع [ليلة الإثنين و] [ (٢) ] ليلة الثلاثاء، مع صاحب الناقة العضباء، في ديار إخوان بني العنقاء.

فأجابه هاتف عن شماله وهو يقول: بشر الجن وإبلاسها، إن وضعت المطيّ أحلاسها، وكلأت السماء أحراسها، [قال:] [ (٢) ] فوثبت مذعورا وعلمت أن محمدا مرسل.

فركبت فرسي وسرت حتى انتهيت إليه فبايعته، ثم انصرفت إلى [ضمار] [ (١) ] فأحرقته بالنار، ثم رجعت إلى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم [فأنشدته شعرا أقول فيه] [ (٣) ] :


[ (١) ] زيادة للسياق من (دلائل أبي نعيم) .
[ (٢) ] في (خ) «ضماد» ، والتصويب من (ترتيب القاموس) : ٣/ ٣٧.
[ (٣) ] في (خ) : «فأنشد شعرا فذكره» وما أثبتناه من رواية أبي نعيم في (الدلائل) ، وهذه الأبيات منه:
لعمرك إنّي يوم أجعل جاهلا ... ضمارا لرب العالمين مشاركا
وتركي رسول اللَّه والأوس حوله ... أولئك أنصار له ما أولئكا
كتارك سهل الأرض والحزن يبتغي ... ليسلك في وعث الأمور المسالكا
فآمنت باللَّه الّذي أنا عبده ... وخالفت من أمسى يريد المهالكا
ووجّهت وجهي نحو مكة قاصدا ... أبايع نبي الأكرمين المباركا
نبيّ أتى بعد عيسى بناطق ... من الحق فيه الفصل فيه كذلكا
أمين على الفرقان أول شافع ... وأول مبعوث يجيب الملائكا
تلافي عرى الإسلام بعد انتقاضها ... فأحكمها حتى أقام المناسكا
عنيتك يا خير البرية كلّها ... توسطت في الفرعين والمجد مالكا
وأنت المصفّى من قريش إذا سمت ... على ضمرها تبقي القرون المباركا
إذا انتسب الحيان كعب ومالك ... وجدناك محضا والنساء العواركا