للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذل الشيطان، وبطلت الأوثان، وولد الأمين.

قال النجاشي: إني أخبركما عما أصابني: إني لنائم في الليلة التي ذكرتما في قبتي وقت خلوتي، إذ خرج عليّ من الأرض عنق ورأس وهو يقول: حل الويل بأصحاب الفيل، رمتهم طير أبابيل، بحجارة من سجيل، هلك الأشرم، المعتدي المجرم، وولد النبي الأمي، الحرمي المكيّ، من أجابه سعد، ومن أتاه عند.

وقال عبد اللَّه البلوي: حدثنا عمارة، حدثنا عبيد اللَّه بن العلاء، حدثنا محمد ابن عكير [ (١) ] عن سعيد بن جبير، أن رجلا من بني تميم يقال له: رافع بن عمير، كان أهدى [ (٢) ] الناس بطريق، وأسراهم بليل، وأهجمهم على هول، فكانت العرب تسميه: دعموص [ (٣) ] الرمل لهدايته وجرأته، فذكر عن بدء إسلامه قال: إني لأسير برمل عالج [ (٤) ] ذات ليلة، إذ غلبني النوم، فنزلت عن راحلتي وأنختها وتوسدت ذراعها وقلت: أعوذ بعظيم هذا الوادي من الجن، من أن أوذي أو أهاج.

فرأيت في النوم رجلا شابا يرصد ناقتي بحربة، يريد أن يضعها في نحرها، فانتبهت فزعا، فرأيت ناقتي تضطرب، وإذا برجل كالذي رأيت في منامي بيده حربة، وشيخ ممسك بيده بردة وهو يقول:

يا مالك بن مهلهل بن أثار ... مهلا فدا لك مئزري وإزاري

عن ناقة الإنس لا تعرض لها ... واختر بها ما شئت من أثواري


[ (١) ] لم أجده فيمن روى عن سعيد بن جبير في (تهذيب التهذيب) .
[ (٢) ] في (خ) : «أهدا» .
[ (٣) ] الدعموص: دويبة صغيرة تكون في مستنقع الماء، وقيل: هي دويبة تغوص في الماء، والجمع الدعاميص والدعامص. والدعموص أيضا: الدّخال في الأمور، الزوّار للملوك. ودعيميص الرمل: اسم رجل كان داهيا يضرب به المثل، يقال: هو دعيميص هذا الأمر، أي عالم به. (اللسان) : ٧/ ٣٦.
[ (٤) ] هو رملة بالبادية مسماة بهذا الاسم، قال أبو عبد اللَّه السكونيّ: عالج رمال بين فيد والقربات، ينزلها بنو بحتر من طيِّئ، وهي متصلة بالثعلبية عن طريق مكة، لا ماء بها، ولا يقدر أحد عليه فيه، وهو مسيرة أربع ليال، وفيه برك إذا سالت الأودية امتلأت، وعالج لها ذكر في شعر حسان بن ثابت بعد أحد، في غزوة بدر الآخرة يؤنب قريشا. (معجم البلدان) : ٤/ ٧٨، (سيرة ابن هشام) :
٤/ ١٦٧.