للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب


[ () ]
ترى المهديّ حين ترى عليه ... ونورا قد تقدّمه إماما
وقالت أيضا:
فكل الخلق يرجوه جميعا ... يسود الناس مهتديا إماما
برأه اللَّه من نور صفاء ... فأذهب نوره عنا الظلاما
وذلك صنع ربك إذ حباه ... إذا ما سار يوما أو أقاما
فيهدي أهل مكة بعد كفر ... ويفرض بعد ذلكم الصّياما
قال البيهقي: قلت: وهذا الشيء قد سمعته من أخيها في صفة رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم. ويحتمل أن كانت أيضا امرأة عبد اللَّه مع آمنة.
قال الدكتور عبد المعطي قلعجي محقق (دلائل البيهقي) تعليقا على هذا الخبر: خبر غريب موضوع، لا سند له، ولا منطق يؤيده، ويناقض الأحاديث الصحيحة، تناقلته كتب السيرة بما دسّه عليها أعداء الإسلام، من يهود، وسبيئة، وشانئين، ومنافقين.
١- فرغم ما عرف عن تمسك المؤرخين بالسند، وأن كل الأخبار الصحيحة وردت بالسند القوي المتواتر، فهذا الخبر ليس له سند، فلا هو بمتصل، ولا بمرفوع، لا، بل نقله (الطبري) :
٢/ ٢٤٣، [ابن هشام: ١/ ٢٩١] ، [البيهقي: ١/ ١٠٢] ، [المقريزي في النسخة (خ) من إمتاع الأسماع] ، [بقولهم جميعا] : «فيما يزعمون» .
٢- إن متنه وما تضمنه من حكاية المرأة التي عرضت الزنا على عبد اللَّه وهو حديث عهد بزواج، تناقض الأحاديث الصحيحة، من طهارة وشرف نسب الأنبياء، وأن هذه الطهارة، وهذا الشرف من دلائل نبوتهم،
قال صلّى اللَّه عليه وسلم: «إن اللَّه اصطفى بني كنانة من بني إسماعيل، واصطفى من بني كنانة قريشا، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم» .
وهذا الحديث في الترمذي ومسند أحمد،
وأن اللَّه طهره من عهر الجاهلية وأرجاسها، ووالده عبد اللَّه كان صورة طبق الأصل من عبد المطلب، ولو أمهله الزمن لتولى مناصب الشرف التي كانت بيد عبد المطلب، وكان شعاره الّذي التزمه طيلة حياته:
أما الحرام فالممات دونه
رجل هذا شأنه، هل نطمئن إلى هذه الروايات المزعومة، وأنه بعد أن دخل بزوجته آمنة، عاد فأتى المرأة التي عرضت عليه ما عرضت فقال لها: «مالك لا تعرضين عليّ اليوم ما كنت عرضت عليّ بالأمس؟» !!.
٣- تخبطت الروايات في اسم المرأة، فهي مرة امرأة من خثعم، ومرة أم قتال أخت ورقة ابن نوفل، ومرة هي ليلى العدوية، ومرة كاهنة من أهل قبالة متهوّدة، ومرة أنه كان متزوجا بامرأة أخرى غير آمنة ... إلخ هذا التخبط الدال على الكذب، ولماذا اختار الرواة أخت ورقة ابن نوفل، أو امرأة كانت قد قرأت الكتب؟!.
٤- إننا إذا نظرنا إلى الشعر الوارد في هذا الخبر على لسان المرأة، لوجدناه شعرا ركيكا، مزيفا، مصنوعا، ملفقا، مضطرب القافية، محشورة الكلمات فيه بشكل مصطنع واضح الدلالة على تلفيقه، وبهذا كله يسقط هذا الخبر الواهي، ويدل على هذا قول ابن إسحاق، والطبري،