للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويأبى، إذ قال عمرو بن عائذ لعبد المطلب: انظر! هل ترى شيئا؟ قال: إني لأرى طيرا يأتي من قبل البحر قطعا قطعا، وهي أصغر من الحمام، سود الرءوس، حمر الأرجل والمناقير.

قال عمرو: فأقبلت حتى حلقت على القوم، مع كل طائر ثلاثة أحجار:

في منقاره حجر، وفي رجليه حجران، وقال عبد المطلب لمسعود: هل ترى شيئا؟

قال: نعم، أرى سوادا كثيرا من قبل البحر كثيفا، قال عبد المطلب: هو طائر، قال مسعود: صدقت، قد واللَّه عرفت حين حلوا بنا أن لو أرادوا الدية لقدروا عليها، فلم أزل أبعث الأشرم وأصرفه حتى ولى إلى ما هاهنا، وعرفت أنه لا يصل إلى البيت حتى لا يعذب، وهذا واللَّه عذابه.

قال الواقدي: وحدثني قيس بن الربيع عن الأعمش عن أبي سفيان عن عبيد ابن عمير قال: لما أراد اللَّه أن يهلك أصحاب الفيل، أرسل عليهم طيرا أنشئت من البحر كأنها الخطاطيف، مع كل طائر منها ثلاثة أحجار مجزعة [ (١) ] : حجر في منقارة وحجران في رجليه، فجاءت حتى صفّت على رءوسهم، فصاحت وألقت ما في أرجلها ومناقيرها، فما وقع [ (٢) ] حجر على رجل منهم إلا خرج من الجانب الآخر، إذا وقع على رأسه خرج من دبره [ (٣) ] [وإذا وقع على جسده خرج من الجانب الآخر، وبعث اللَّه ريحا شديدة فضربت الحجارة فزادت شدة فأهلكوا] .


[ (١) ] مجزعة: مقطعة.
[ (٢) ] في (دلائل أبي نعيم) : «فما على الأرض حجر وقع على رجل» .
[ (٣) ] هذا آخر الحديث رقم (٨٨) في (دلائل أبي نعيم) : ١/ ١٤٩- ١٥٠، وفيه الواقدي وعبد اللَّه ابن خراش متروكان، وما بين الحاصرتين زيادة من (خ) ، وابن كثير في (التفسير) : ٤/ ٥٩٠، وقال ابن كثير: وقد ذكر الحافظ أبو نعيم في كتاب (دلائل النبوة) : من طريق ابن وهب عن ابن لهيعة عن عقيل بن خالد عن عثمان بن المغيرة، قصة أصحاب الفيل، ولم يذكر أن أبرهة قدم من اليمن، وإنما بعث على الجيش رجلا يقال له شمر بن مفصود، وكان الجيش عشرين ألفا، وذكر أن الطير طرقتهم ليلا فأصبحوا صرعى، وهذا السياق غريب جدا، وإن كان أبو نعيم قد قواه ورجحه على غيره، والصحيح أن أبرهة الأشرم قدم من مكة، كما دلّ على ذلك السياقات والأشعار.
وهكذا روى عن ابن لهيعة عن الأسود عن عروة، أن أبرهة بعث الأسود بن مفصود على كتيبة معهم الفيل، ولم يذكر قدوم أبرهة نفسه، والصحيح قدومه، ولعل ابن مفصود كان على مقدمة الجيش. واللَّه تعالى أعلم. (تفسير ابن كثير) : ٤/ ٥٩٠.