للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رضي اللَّه تعالى عنها قالت: لما نزلنا أرض الحبشة جاورنا [بها] [ (١) ] خير جار:

النجاشيّ، آمننا على [ (٢) ] ديننا، وعبدنا اللَّه لا نؤذي ولا نسمع شيئا نكرهه.

فأرسل إلى أصحاب رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم فدعاهم، وكان الّذي كلمه جعفر بن أبي طالب رضي اللَّه عنه فقال له: أيها الملك! كنا قوما أهل جاهلية نعبد الأصنام ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش ونقطع الأرحام، ونسيء الجوار ويأكل القويّ منا الضعيف، فكنا على ذلك حتى بعث اللَّه إلينا رسولا نعرف نسبه وصدقه، وأمانته وعفافه، فدعانا إلى اللَّه لنعبده ونوحده، ونخلع ما كان يعبده نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان.

وأمرنا بصدق الحديث، وأداء الأمانة، وصلة الرحم، وحسن الجوار، والكف عن المحارم والدماء، ونهانا عن الفحش وقول الزور، وأكل ما اليتيم، وقذف المحصنة.

وأمرنا أن نعبد اللَّه ولا نشرك به شيئا، وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام.

قالت: فعدد عليه أمور الإسلام فصدقناه وآمنا به، واتبعناه على ما جاء به من اللَّه، فعبدنا اللَّه وحده فلم نشرك به شيئا، فقال النجاشي: إن هذا والّذي جاء به موسى يخرج من مشكاة واحدة [ (٣) ] .

ولعظم مقدار رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم في نفوس قومه كان هو الّذي وضع الحجر الأسود موضعه بيده لما اختلفت قريش في وضعه،

فخرج غير واحد من الأئمة


[ (١) ] في المرجع السابق: «جاونا خير جار» .
[ (٢) ] في المرجع السابق: «أمنّا» .
[ (٣) ] أخرجه أبو نعيم مطوّلا في (دلائل النبوة) : ١/ ٢٤٦- ٢٥٠، حديث رقم (١٩٤) ، وفي (الحلية) : ١/ ١١٥- ١١٧ في ترجمة جعفر بن أبي طالب، ترجمة رقم (١٧) ، والبيهقي في (دلائل النبوة) : ٢/ ٢٨٥- ٣٠٧، باب: الهجرة الأولى إلى الحبشة ثم الثانية، وما ظهر فيها من الآيات وتصديق النجاشيّ ومن تبعه من القسيسين والرهبان رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم، والإمام أحمد في (المسند) :
١/ ٣٣٢- ٣٣٤، حديث رقم (١٧٤٢) ، حديث جعفر بن أبي طالب وهو حديث الهجرة، وابن هشام في (السيرة) : ٢/ ١٧٦- ١٨٢، فصل إرسال قريش إلى الحبشة في طلب المهاجرين إليها.