للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: قال شيبة بن عثمان: لمّا غزا النبي صلّى اللَّه عليه وسلم حنينا تذكرت أبي وعمي قتلهما عليّ وحمزة رضي اللَّه عنهما، فقلت: اليوم أدرك ثأري في محمد، فجئته من خلفه فدنوت منه ودنوت، حتى لم يبق إلا أن أسوره بالسيف، رفع لي شواظ من نار [كأنه] البرق، فخفت أن يحبسني، فنكصت القهقرى فالتفت النبي صلّى اللَّه عليه وسلم فقال: تعالى يا شيبة، قال: فوضع رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم يده على صدري فاستخرج اللَّه الشيطان من قلبي، فرفعت إليه بصري وهو أحب إليّ من سمعي وبصري ومن كذا [ (١) ]

فذكر الحديث.

ومن حديث ابن إسحاق عن عمرو بن عبيد عن الحسن عن جابر أن رجلا من محارب يقال له غورث بن الحرث قال لقومه: أقتل لكم محمدا، قالوا: كيف تقتله؟ فقال: أفتك به، فأقبل إلى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم- وهو جالس وسيفه في حجره- فقال: يا محمد! انظر إلى سيفك هذا؟ قال: نعم، [وكان محلى بالفضّة] [ (٢) ] ، فأخذه فاستله وجعل يهزه ويهم فيكبته اللَّه، فقال: يا محمد! ألا تخافني؟ [ (٣) ] قال: لا، وما أخاف منك، قال: أما تخافني وفي يدي السيف؟

قال: لا، يمنعني اللَّه منك، ثم غمد السيف ورده إلى رسول اللَّه [ (٤) ] صلّى اللَّه عليه وسلم فأنزل اللَّه تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ [ (٥) ]


[ (١) ] (دلائل أبي نعيم) : ١/ ١٩٥، حديث رقم (١٤٤) ، (الإصابة) : ٣/ ٣٧١، وقد أورد هذا الحديث بنحوه ضمن ترجمة شيبة بن عثمان، وهو الأوقص بن أبي طلحة بن عبد اللَّه بن عبد العزى ابن عبد الدار القرشي العبدري الحجبيّ، أبو عثمان، قال البخاري وغير واحد: له صحبة، أسلم يوم الفتح، وكان أبوه ممن قتل بأحد كافرا، وكان شيبة ممن ثبت يوم حنين بعد أن كان أراد أن يغتال النبي صلّى اللَّه عليه وسلم، فقذف اللَّه تعالى في قلبه الرعب. فوضع النبي صلّى اللَّه عليه وسلم يده على صدره فثبت الإيمان في قلبه، وقاتل بين يديه صلّى اللَّه عليه وسلم. رواه ابن أبي خيثمة عن مصعب النميري، وذكره ابن إسحاق في (المغازي) بمعناه. (الإصابة) : ٣/ ٣٧١، ترجمة رقم (٣٩٤٩) .
أخرجه أيضا البيهقي في (دلائل النبوة) : ٥/ ١٢٨، عن ابن إسحاق والواقدي في (المغازي) :
٣/ ٩١٠، وقال فيه: فرفعت إليه رأسي وهو أحب إليّ من سمعي وبصري وقلبي ثم قال: يا شيب، قاتل الكفار، فقال: فتقدمت بين يديه أحبّ واللَّه أقيمه بنفسي وبكل شيء، فلما انهزمت هوازن رجع إلى منزله، ودخلت عليه صلّى اللَّه عليه وسلم
فقال: الحمد للَّه الّذي أراد بك خيرا مما أردت، ثم حدثني بما هممت به.
[ (٢) ] زيادة للسياق من (ابن هشام) .
[ (٣) ] في ابن إسحاق: «أما» .
[ (٤) ] في (ابن هشام) : «ثم عمد إلى سيف رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم فرده عليه» .
[ (٥) ] المائدة: ١١، والحديث في (سيرة ابن هشام) : ٤/ ١٥٩، وفي (دلائل أبي نعيم) : ١/ ١٩٥، حديث رقم (١٤٥) ، وفيه عمرو بن عبيد، وهو معتزلي مشهور، كان داعية إلى بدعة، اتهمه جماعة مع أنه كان عابدا.