للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن حديث محمد بن فضيل عن عطاء ابن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه قال: لم تكن قبيلة من الجن إلا ولهم مقعد [للسمع] [ (١) ] ، فإذا نزل الوحي سمعت الملائكة صوتا كصوت الحديدة ألقيتها على الصفا [ (٢) ] ، قال: فإذا سمعت الملائكة خروا سجدا، فلم يرفعوا رءوسهم حتى ينزل، فإذا نزل قال بعضهم لبعض: ماذا قال ربكم؟ فإن كان مما يكون في السماء قالوا: الحق وهو العلي الكبير، وإن كان مما يكون في الأرض من أمر الغيب أو موت أو شيء مما يكون في الأرض تكلموا به، قالوا: يكون كذا كذا، فتسمعه الشياطين فينزلونه على أوليائهم، فلما بعث محمد صلّى اللَّه عليه وسلم دحروا بالنجوم، فكان أول من علم بها ثقيف، فكان ذو الغنم منهم ينطلق إلى غنمه فيذبح كل يوم شاة، وذو الإبل ينحر كل يوم بعيرا، فأسرع الناس في أموالهم فقال بعضهم لبعض: لا تفعلوا، فإن كان النجوم التي تهتدون بها [وإلا] [ (٣) ] فإنه أمر حدث، فنظروا فإذا النجوم التي يهتدى بها كما هي لم يزل من منها شيء، فكفوا، وصرف اللَّه الجن فسمعوا القرآن، فلما حضروه [ (٤) ] قالوا:

أنصتوا، وانطلقت الشياطين إلى إبليس فأخبروه فقال: هذا حدث حدث في الأرض، فأتوني من كل أرض بتربة، فأتوه بتربة تهامة فقال: ها هنا الحدث [ (٥) ] .

ومن حديث الواقدي قال: فحدثني محمد بن صالح عن ابن أبي حكيم- يعني إسماعيل- عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة رضي اللَّه عنه قال: لما بعث رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم


[ () ] وكذا رواه العوفيّ عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما أيضا بمثل هذا السياق بطوله.
وأخرجه البيهقي في (دلائل النبوة) : ٢/ ٢٣٩- ٢٤٠ باختلاف يسير أيضا.
[ (١) ] زيادة للسياق من (دلائل أبي نعيم) .
[ (٢) ] أي كصوت الحديدة إذا ألقيتها على الصفا، والصفا: الحجر الأملس، قال تعالى: كَمَثَلِ صَفْوانٍ عَلَيْهِ تُرابٌ [البقرة: ٢٦٤] والصفوان: جمع الصفا.
[ (٣) ] زيادة للسياق من (دلائل أبي نعيم) .
[ (٤) ] في المرجع السابق: «فلما حضروا» ، وما أثبتناه من (خ) ، وهي كما في التنزيل.
[ (٥) ] (دلائل أبي نعيم) : ١/ ٢٢٥- ٢٢٦، باب حراسة السماء من استراق السمع لثبوت بعثته وعلوّ دعوته صلّى اللَّه عليه وسلم، حديث رقم (١٧٧) وأخرجه أيضا البيهقي في (دلائل النبوة) : ٢/ ٢٤٠- ٢٤١، وقال في آخره: فأتوني من كل تربة أرض، فأتوه بها، فجعل يشمّها فلما شم تربة مكة قال: من هاهنا جاء الحدث، فنصتوا، فإذا رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم قد بعث. ورواه ابن كثير في (التفسير) : ٤/ ٤٥٨ تفسير سورة الجن باختلاف يسير.