للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أظني إلا وقد

سمعته من الزهري، عن محمد بن جبير بن مطعم، عن أبيه قال: أتيت رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم لأكلمه في أسارى بدر، فوافقته وهو يصلي بأصحابه المغرب، أو العشاء، فسمعته وهو يقول أو يقرأ- وقد خرج صوته من المسجد- إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ لَواقِعٌ* ما لَهُ مِنْ دافِعٍ [ (١) ] ، قال: فكأنما صدع قلبي، فلما فرغ من صلاته كلمته في أسارى بدر فقال: شيخك أو الشيخ لو كان أتانا فيهم شفعناه، يعني أباه المطعم بن عدي.

قال أبو عبيد: قال هيثم وغيره: كانت له عند رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم يدا، قال ابن عبد البر: كانت يد المطعم بن عدي عند رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم في شأن الصحيفة التي كتبتها قريش على بني هاشم، وهو أيضا أجار النبي صلّى اللَّه عليه وسلم حين قدم من الطائف من دعاء ثقيف، أجاره هو ومن كان معه يومئذ.

وخرج أبو نعيم من حديث أبان بن عثمان، عن أبان بن تغلب، عن عكرمة، عن ابن عباس عن علي بن أبي طالب رضي اللَّه عنهما: لما أمر اللَّه نبيه أن يعرض نفسه على قبائل العرب، خرج إلى [منى] وأنا معه وأبو بكر رجلا نسّابة [ (٢) ] ، فوقف على منازلهم، فسلم عليهم فردوا السلام، وكان في القوم مفروق بن عمرو، وهاني بن قبيصة، والمثنى بن حارثة، والنعمان بن شريك، وكان أقرب القوم إلى أبي بكر مفروق، وكان مفروق قد غلب عليهم بيانا ولسانا، فالتفت إلى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم فقال له: إلى ما تدعو يا أخا قريش؟ فتقدم رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم فجلس، وقام أبو بكر رضي اللَّه عنه يظله بثوبه، فقال النبي صلّى اللَّه عليه وسلم: أدعوكم إلى شهادة أن لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له، وأني رسول اللَّه، وأن تؤووني وتمنعوني وتنصروني، حتى أؤدي عن اللَّه الّذي أمرني به، فإن قريشا قد تظاهرت على أمر اللَّه، فكذبت رسوله، واستغنت بالباطل عن الحق، واللَّه هو الغني الحميد، قال له: وإلى ما تدعو أيضا يا أخا قريش؟ فتلا عليه رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم: قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ إلى قوله: وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [ (٣) ] ،


[ (١) ] الطور: ٧- ٨.
[ (٢) ] نسّابة: عالم بالأنساب.
[ (٣) ] الأنعام: ١٥١- ١٥٣ [آيات الوصايا العشر] .