للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال له مفروق: وإلى ما تدعو أيضا يا أخا قريش؟ فو اللَّه ما هذا من كلام أهل الأرض، ولو كان من كلامهم لعرفناه، فتلا عليهم رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ [ (١) ] الآية، فقال له مفروق: دعوت واللَّه يا قريشيّ إلى مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال، ولقد أفك قوم كذبوك وظاهروا عليك، وقال هانئ بن قبيصة: قد سمعت مقالتك يا أخا قريش، وصدقت قولك، وقال المثنى ابن حارثة: قد سمعت مقالتك واستحسنت قولك، وأعجبني ما تكلمت به.

ثم قال لهم رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم: أرأيتم أن تلبثوا إلا يسيرا حتى يمنحكم اللَّه تعالى بلادهم وأموالهم- يعني أرض فارس وأنهار كسرى- ويفرشكم بناتهم، أتسبحون اللَّه وتقدسونه؟ قال له النعمان بن شريك: وأي ذلك لك يا أخا قريش؟ فتلا عليه رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم: إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً* وَداعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِراجاً مُنِيراً [ (٢) ] ، الآية. ثم نهض قابضا على يد أبي بكر رضي اللَّه عنه، ولما سمع أكثم بن صيفي قول اللَّه سبحانه وتعالى: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ [ (٣) ] ، استجاب للإسلام أول ما قرئ عليه القرآن، وقال: إنه يأمر بمكارم الأخلاق [ (٤) ] .

وخرج الحرث بن أبي أسامة من حديث داود بن المحبّر، حدثنا أبو الأشهب عن الحسن عن قيس بن عاصم المنقري، أنه قدم على النبي صلّى اللَّه عليه وسلم، فلما رآه قال:

هذا سيد ذي وبر، قال: فسلمت عليه فقلت: يا رسول اللَّه، المال الّذي لا ينفقه [علي منه في ضيف أضافه] [ (٥) ] أو عيال وإن كثروا؟ قال: نعم، المال الأربعون، فإن كثر فستون، ويل لأصحاب المئين، ويل لأصحاب المئين، إلا من أدى حق اللَّه في رسلها ونجدتها، وأطرق فحلها وأفقر ظهرها، وحمل على ظهرها ومنح


[ (١) ] النحل: ٧- ٨.
[ (٢) ] الأحزاب: ٤٥- ٤٦.
[ (٣) ] النحل: ٩٠.
[ (٤) ] حديث أبان بن عبد اللَّه البجلي في عرض رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم نفسه على قبائل العرب، وقصة مفروق ابن عمرو وأصحابه، ذكره البيهقي في (دلائل النبوة) : ٢/ ٤٢٢- ٤٢٧، أبو نعيم في (دلائل النبوة) : ١/ ٢٨٢- ٢٨٨، حديث رقم (٢١٤) ، ذكره أبو نعيم مطولا، وقال ابن حجر:
وأخرجه الحاكم، والبيهقي في (الدلائل) بإسناد حسن.
[ (٥) ] كذا في (خ) ، ولا يخفى اضطراب السياق.