للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال: لعلك تريد [يا] رسول اللَّه قوله:

وأبيض يستسقي الغمام بوجهه ... ربيع اليتامى عصمة للأرامل

فقال الأعرابي- وكان من مزينة-:

للَّه الحمد والحمد ممن شكر ... سقينا بوجه النبي المطر

دعا ربه المصطفى دعوة ... فأسلم معها إليه البصر

فلم يك إلا أن ألقى أفردا ... وأسرع حتى لقينا الدرر

ولم ترجع الكف عند الدعا ... إلى النحر حتى أفاض الغدر

سحاب وما في أديم السما ... سحاب يراه الحديد النظر

فكان كما قال عمه ... وأبيض يسقي به ذو غدر

به ينزل اللَّه غيث السما ... فهذا العيان لذاك الخبر

فمن يشكر اللَّه يلقى المزيد ... ومن يكفر اللَّه [يلق] الغبر

قال موس بن عقبة: فأمر له النبي صلّى اللَّه عليه وسلم راحلتين وكساه صلّى اللَّه عليه وسلم ثوبا.

قال أبو عمر- رضي اللَّه عنه-: وقد روي هذا الخبر عن مسلم الملائي، عن أنس بن مالك رضي اللَّه عنه بغير هذه الألفاظ، قال: جاء أعرابي إلى النبي صلّى اللَّه عليه وسلم فقال: يا رسول اللَّه! أتيناك وما لنا صبي يصطبح، ولا بعير يئط [ (١) ] ، وأنشد:

أتيناك والعذراء يدمي لبانها ... وقد شغلت أم الصبي عن الطفل

وألقى بكفيه وخرّ استكانة ... من الجوع هرما ما يمر وما يحلى

ولا شيء مما يأكل الناس عندنا ... سوى الحنظل العافي والغلمة الفشل

وليس لنا إلا إليك فرارنا ... وأين فرار الناس إلا إلى الرسل؟

فقام رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم يجر رداءه حتى صعد المنبر، فرفع يديه ثم قال: اللَّهمّ اسقنا غيثا مغيثا مريا مريعا طبقا واسعا، نافعا غير ضار، عاجلا غير رائث، تملأ به الضرع وتنبت به الزرع، وتحيي به الأرض بعد موتها، وكذلك تخرجون.


[ (١) ] يئط: بفتح أوله وكسر الهمزة، وفي رواية: يغط بالمعجمة، والأطيط: صوت البعير المثقل، والغطيط:
صوت النائم كذلك، وكنّى بذلك عن شدة الجوع، لأنهما إنما يقعان غالبا عن الشبع، (فتح الباري) : ٢/ ٦٢٩.