للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فجعل الناس يتزودون الزاد حتى نهلوا عن آخرهم، حتى كان آخرهم ذلك أن أخذت الأنطاع ونثرنا [ (١) ] ما عليها، فجعل رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم يقول- وهو واقف-:

أشهد أن لا إله إلا اللَّه، وأني عبده ورسوله، وأشهد أنه لا يقولها أحد من حقيقة قلبه إلا وقاه اللَّه حر النار [ (٢) ] .

وقد رويت هذه القصة من طرق: فرواها [أبو نعيم] من طريق عاصم بن عبيد اللَّه ابن عاصم بن عمر عن أبيه، عن جده عمر قال: خرجنا مع رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم حتى إذا كنا بعين الروم- التي يقال لها غزوة تبوك- يقول: أصحابنا جوع شديد فقلت:

يا رسول اللَّه! نلقى العدو غدا وهم شباع ونحن جياع، فخطب الناس ثم قال:

من كان عنده فضل طعام فليأتنا به، وبسط نطعا فأتى بتسع وعشرين صاعا فجلس ودعا بالبركة، ثم دعا الناس وقال: خذوا، فأخذوا حتى جعل الرجل يربط كم قميصه ثم يأخذ فيه، ففضل فضلة، فقال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم: أشهد أن لا إله إلا اللَّه وأني رسول اللَّه، لا يقولها رجل فيدخل النار [ (٣) ] .

وفي رواية ابن إسحاق رضي اللَّه عنه، عن يزيد مولى نوفل بن الحارث، عن عاصم بن عبيد اللَّه، عن عاصم بن عمر، عن عمر بن الخطاب رضي اللَّه تعالى عنه قال: خرجنا مع رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم في غزوة تبوك، فقلت: يا رسول اللَّه! يخرج إلينا الروم وهم شباع ونحن جياع، وأرادت الأنصار أن ينحروا نواضحهم.

فإذا منادي رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم ينادي في الناس: من كان عنده فضل من زاد فليأتنا به، فحرزنا جميع ما جاءوا به فوجدناه سبعا وعشرين صاعا، فجلس رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم إلى جنبه فدعا فيه ثم قال: أيها الناس، خذوا ولا تنتبهوا، قال: فأخذوا في الجرب والغرائر، حتى جعل الرجل يعقد قميصه فيأخذ فيه حتى صدروا، وإنه نحو مما كانوا أخذوه.


[ (١) ] في (مغازي الواقدي) : «ونثر» .
[ (٢) ] (مغازي الواقدي) : ٣/ ١٠٣٧- ١٠٣٩، وهذه القصة جزء من حديث طويل سنده: حدثني ابن أبي سبرة، عن موسى بن سعيد، عن عرباض بن سارية قال: كنت ألزم باب رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم في الحضر والسفر ... ، وساق القصة من أولها. (المرجع السابق) ١٠٣٦.
[ (٣) ] (دلائل أبي نعيم) : ٢/ ٤١٨- ٤١٩، حديث رقم (٣٢٥) ، (٣٢٦) من الفصل الثاني والعشرين، في ربو الطعام بحضرته وفي سفره، لكن بسياقات مختلفة، وأسانيد مختلفة.