للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال الواقدي رحمه اللَّه: فحدثني محمد بن زياد بن أبي هنيدة، عن محمد ابن إبراهيم بن الحارث، عن جابر بن عبد اللَّه قال: أصاب الناس كدية يوم الخندق فضربوا فيها جميعا بمعاولهم حتى انكسرت، فدعوا برسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم لها فدعا بماء فصبه عليها فعادت كثيبا.

قال جابر: فرأيت رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم يحفر ورأيته خميصا، ورأيت بين كعنه الغبار، فأتيت امرأتي فأخبرتها بما رأيت من خمص بطن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم، فقالت:

واللَّه ما عندنا شيء إلا هذه الشاة، ومدّ من شعير، قال جابر: فاطحني وأصلحي، فطبخنا، وشوينا بعضها وخبزنا الشعير ثم أتيت رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم فمكثت حتى رأيت أن الطعام قد بلغ، فقلت يا رسول اللَّه! قد صنعت لك طعاما فأت أنت ومن أحببت من أصحابك، فشبك أصابعه في أصابعي ثم قال: أجيبوا جابرا يدعوكم.

قال: فأقبلوا معه فقلت: واللَّه إنها الفضيحة! فأتيت المرأة فأخبرتها فقالت:

أنت دعوتهم أو هو دعاهم؟ فقلت: بل هو دعاهم، قالت: دعهم فهو أعلم.

قال: فأقبل رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم وأمر أصحابه فكانوا فرقا عشرة عشرة، ثم قال لنا، اغرفوا وغطوا البرمة، وأخرجوا من التنور الخبز ثم غطوه، ففعلنا، فجعلنا نغرف ونغطي البرمة، ثم نفتحها فما نراها نقصت شيئا، ونخرج الخبز من التنور ثم نغطيه فما نراه ينقص شيئا، فأكلوا حتى شبعوا، وأكلنا وأهدينا،


[ () ] (السور) : لفظة فارسية معناها: الوليمة، والطعام الّذي يدعى إليه، قال الأزهري: في هذا أن النبي صلّى اللَّه عليه وسلم قد تكلم بالفارسية.
(حيهلا) : كلمتان جعلتا في كلمة واحدة، ومعناها: تعالوا وعجلوا، وفي حديث الأذان: «أن يحوقل بين الحيعلتين» .
(اقدحي) : قدحت القدر: إذا ما غرفت ما فيها، والقديح: المرق، فعيل بمعنى مفعول، والمقدحة:
المغرفة.
(لتغط) : غطّت القدر تغط: غلت، وغطيطها: صوتها.
(الكدية) : حجر صلب يعرض لحافر البئر فيتعبه حفره.
(الكثيب) : المجتمع من الرمل.
(أهيل) : انهل وانهال الرمل: إذا سال وجرى، وهلته أنا فانهال، وأهلته: لغة فيه، وأما «أهيم» فهو من الهيام، وهو الرمل الّذي يكون ترابا دقاقا يابسا (جامع الأصول) : ١١/ ٣٥٣- ٣٥٦، حديث رقم (٨٩٠٩) .