للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذلك جرانه بالأرض وأرخى عينيه وبكى وجرجر، فقال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم: أتدرون ما يقول هذا البعير؟ قلنا: اللَّه ورسوله أعلم، قال يزعم أنه كان لبني سلمة بكرا صغيرا يحتطبون عليه وينتضحون عليه، فلما كبرت سنه ورقّ عظمه، أرادوا أن ينحروه على عروس لهم.

فقال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم ابغوني بعض بني سلمة، فإذا رجل منهم قد أقبل، فقال: لمن هذا البعير؟ فقال الرجل: لي يا رسول اللَّه، قال: ومتى كان لك؟

قال: كان لي بكرا صغيرا، قال: فما كنت تعمل عليه؟ قال: كنا نحتطب وننتضح عليه، قال: فما أردتم به؟ قال: أردنا أن ننحره على عروس لنا، فقال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم: بعنيه، فقال: لا، بل هو لك يا رسول اللَّه، فردّد عليه: بعنيه، فقال:

هو لك يا رسول اللَّه، قال: فإنّي قد قبلته على أن تعمل عليه ما كنت تعمل عليه أولا فيما خلا، قال: نعم.

فأخذ برأسه وولى، فقلنا: يا رسول اللَّه! هذه بهيمة تسجد لك، فنحن أحق بالسجود، فقال: لا ينبغي لأحد أن يسجد لأحد، ولو كان ينبغي لأحد أن يسجد لأحد من دون اللَّه لسجدت المرأة لزوجها لما له عليها من الفضل [ (١) ] .

وخرج البيهقي من حديث عفان بن مسلم، حدثنا حماد بن سلمة قال: سمعت شيخا من قيس يحدث عن أبيه أنه قال: جاءنا رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم وعندنا بكرة صعبة لا يقدر عليها، قال: فدنا منها رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم فمسح ضرعها، فحفل فاحتلب فشرب [ (٢) ] .

ومن حديث يونس بن بكير، عن إسماعيل بن عبد الملك، عن أبي [الزبير] [ (٣) ] عن جابر قال: خرجت مع النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم في سفر، وكان رسول اللَّه


[ (١) ] ذكره أبو نعيم مختصرا عن يعلي بن مرة، وفيه عمر بن عبد اللَّه بن يعلي بن مرة: ضعفه أحمد ويحيى والنسائي، وقال الدار الدّارقطنيّ: متروك، (دلائل أبي نعيم) : ٢/ ٣٨٣، حديث رقم (٢٨٤) .
[ (٢) ] (دلائل البيهقي) : ٦/ ٢٩، باب ذكر البعير الّذي سجد للنّبيّ صلّى اللَّه عليه وسلّم وأطاع أهله بعد ما امتنع عليهم ببركته، ونقله السيوطي عنه في (الخصائص) : ٢/ ٥٧.
[ (٣) ] زيادة يقتضيها السياق من البيهقي.