ووهب لها الحمرة في رجليها وأسكنها الحرم، ودعا لها بالبركة. وفي شعر الحارث ابن فنحاص الّذي أوله:
كأن لم يكن بين الحجون إلى الصفا ... أنيس ولم يسمر بمكة سامر
ويبكى لبيت ليس يؤذى حمامه ... تظل به أمنا وفيه العصافر
ففي هذا أن الحمام كانت في الحرم من عهد جرهم.
وقال ابن عائذ: أخبرنى الوليد قال: أخبرنى طلحة بن عمرو عن عطاء بن أبى رباح قال: خرجت عليهم من البحر فوجا فوجا، قال: فسألت طلحة:
أي طير هو؟ قال: سمعت أشياخنا يقولون: حمام الحرم بقية منه، يعنى بقية من الطير الأبابيل التي أرسلها اللَّه على أصحاب الفيل.
وخرج أبو نعيم من حديث الحكم بن عيينة، عن مقسم عن [ابن عباس] رضي اللَّه عنه قال: لما خرج رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم من الليل فلحق بغار ثور، قال:
وتبعه أبو بكر رضي اللَّه عنه، فلما سمع رسول اللَّه حسّه خلفه، خاف أن يكون الطلب، فلما رأى أبو بكر رضي اللَّه عنه تنحنح، فلما سمع رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم عرفه، فقام له حتى تبعه، فأتيا الغار فأصبحت قريش في طلبه، فبعثوا إلى رجل قافة من بني مدلج فتبع الأثر حتى انتهى إلى الغار وعلى بابه شجرة، فبال في أصلها القائف ثم قال: ما جاز صاحبكم الّذي تطلبون هذا المكان.
قال: فعند ذلك حزن أبو بكر رضي اللَّه عنه، فقال له رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم:
لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنا،
قال: فمكث هو وأبو بكر في الغار يختلف إليهما بالطعام عامر بن فهيرة، وعليّ رضي اللَّه عنه يجهزهم [ (١) ] .
ومن طريق الواقدي قال: فحدثني موسى بن محمد عن أبيه قال: لما دخل رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم الغار، دعا شجرة كانت أمام الغار، فقال: ائتيني، فأقبلت حتى وقفت على باب الغار، فقامت على باب الغار وهم يطوفون بالجبل، فأقبل بعضهم فبال [مستقبل باب] الغار، فقال أبو بكر رضي اللَّه عنه: ما نراه يرانا، فقال
[ (١) ] لم أجده عند أبي نعيم.