للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومات الحسن بالمدينة في ربيع الأول سنة خمس، وقيل: في سنة تسع وأربعين، وقيل سنة إحدى وخمسين [ (١) ] ، ودفن بالبقيع، واتهمت زوجته جعدة بنت الأحنف ابن قيس الكندي أنها سمته بتدسيس معاوية [ (٢) ] ، حتى بايع لابنه يزيد، وكان سنة يوم مات ستا وأربعين سنة، وقيل: سبعا وأربعين سنة.

وكان أشبههم برسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم وأحبهم إليه، وكان رحيما ورعا فاضلا، دعي ورعه وفضله إلى ترك ملك الدنيا رغبة فيما عند اللَّه، ورأى ذلك خيرا من إراقة الدماء في طلبها، وإن كان عند نفسه أحق بها من معاوية [ (٣) ] ،

وقال: واللَّه ما أحببت منذ علمت ما ينفعني ويضرني أنا إلى أمر أمة محمد، على أن يهراق في ذلك محجمة [ (٤) ] دم.

وحفظ الحسن عن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم أحاديث ورواها عنه [ (٥) ] ، ولم يتكلم بفحش قط، وحج خمس عشرة حجة ماشيا، وخرج من ماله مرتين، وقاسم اللَّه ماله ثلاث مرات، حتى إن كان ليعطي نعلا ويمسك نعلا، ويعطي خفّا ويمسك خفّا، وفضائله كثيرة، وكان له من الولد: الحسن بن الحسن، وفيه العدد والبيت [ (٦) ] ، وزيد، وله عقب كثير [ (٧) ] ، وعمرو، والحسين، والقاسم، وأبو بكر، وطلحة [ (٨) ] ، وعبد الرحمن، وعبد اللَّه، ومحمد، وجعفر، وحمزة، لا


[ (١) ] قال ابن عبد البر: كانت سنه يوم مات ستا وأربعين سنة، وقيل: سبعا وأربعين. (المرجع السابق) : ٣٨٩.
[ (٢) ] في هوامش (الاستيعاب) : نسبة السم إلى معاوية غير صحيحة، لما ينقل في (تاريخ ابن خلدون) :
إن ما ينقل من أن معاوية دسّ السم مع زوجته جعدة بنت الأحنف فهو من أحاديث الشيعة، وحاشا لمعاوية ذلك.
[ (٣) ] (الاستيعاب) : ١/ ٣٨٧.
[ (٤) ] المحجمة: قدر ما يسيل من الدم أثناء الحجامة.
[ (٥) ] ذكره ابن حزم في (أسماء الصحابة الرواة) : ١٤٣- ١٤٤، ترجمة رقم (١٥٦) في أصحاب الثلاثة عشر حديثا رضي اللَّه تعالى عنهم، (تلقيح فهوم أهل الأثر) : ٣٦٩،
قال أبو عمر رضي اللَّه عنه: حفظ الحسن بن علي عن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم أحاديث ورواها عنه، منها: حديث الدعاء في القنوت، ومنها: إنا آل محمد لا تحل لنا الصدقة. (الاستيعاب) : ٣٩١.
[ (٦) ] أمه خولة بنت منظور بن زبّان الفزارية.
[ (٧) ] أمه أم بشر بنت أبي مسعود الأنصاري البدريّ.
[ (٨) ] أمه أم إسحاق بنت طلحة بن عبيد اللَّه.