للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أيها الناس، إن اللَّه هداكم بأولنا، وحقن دماءكم بآخرنا، وإن لهذا الأمر مدة، وإن الدنيا دول، وإن اللَّه عز وجل قال لنبيه: وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ [ (١) ] ، وأشار إلى معاوية، فقال له معاوية: اجلس وحقدها علي عمرو وقال: هذا من رأيك [ (٢) ] .

ولحق الحسن بالمدينة وأهل بيته، وحثهم فجعل الناس يبكون عند سيرهم، وقيل للحسن: ما حملك على ما فعلت؟ فقال: كرهت الدنيا ورأيت أهل الكوفة قوما لا يثق بهم أحد [أبدا] [ (٣) ] إلا غلب، ليس أحد منهم يوافق آخر في رأي ولا هوى، مختلفين لا نية لهم في خير ولا شر، لقد لقي أبي منهم أمورا [عظاما] [ (٣) ] ، فليت شعري، لمن يصلحون [بعدي] [ (٣) ] وهي أسرع البلاد خرابا.

وعرض له رجل في مسيره عن الكوفة فقال له: يا مسعود وجوه المؤمنين، فقال: لا تعد لي، فإن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم أرى بنو أمية ينزون على منبره رجلا رجلا، فساءه ذلك، فأنزل اللَّه تعالى: إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ [ (٤) ] ، وهو نهر في الجنة، وإِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ [وَما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ] خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ [ (٥) ] تملكها بعدك بنو أمية [ (٦) ] ،

ولم يف معاوية للحسن بشيء ما شرط.

[وقالت] [ (٧) ] طائفة للحسن [ (٨) ] : يا عار المؤمنين، فقال: العار خير من النار [ (٩) ] ،

وقال له أبو عامر سفيان بن ليلى: السلام عليك يا مذل المؤمنين! فقال له: لا تقل يا أبا عامر، فإنّي لم أذل المؤمنين، ولكني كرهت أن أقتلهم في طلب الملك [ (١٠) ] .


[ (١) ] الأنبياء: ١١١.
[ (٢) ] (الكامل) : ٣/ ٤٠٧.
[ (٣) ] زيادة للسياق من المرجع السابق.
[ (٤) ] الكوثر: ١.
[ (٥) ] القدر: ١- ٣.
[ (٦) ] (الكامل) : ٣/ ٤٠٧.
[ (٧) ] زيادة للسياق.
[ (٨) ] هم أصحاب الحسن.
[ (٩) ] (الإصابة) : ٢/ ٧٢، ترجمة رقم (١٧٢١) ، (الاستيعاب) : ١/ ٣٨٦، ترجمة رقم: (٥٥٥) .
[ (١٠) ] (الاستيعاب) : ١/ ٣٨٧.