للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: فسكت طويلا حتى أردنا أن نكلمه، قال: وجعلت زينب رضى اللَّه عنها تلمع علينا من وراء الحجاب أن لا تكلماه.

قال: ثم قال: إن الصدقة لا تنبغي لآل محمد، إنما هي أوساخ الناس، أدعوا لي محمية- وكان على الخمس- ونوفل بن الحارث بن عبد المطلب.

قال: فجاءاه فقال لمحمية: أنكح هذا الغلام ابنتك للفضل بن العباس، فأنكحه، وقال لنوفل بن الحارث: أنكح هذا الغلام ابنتك لي، فأنكحنى، وقال لمحمية: أصدق عنهما من الخمس كذا وكذا. قال الزهري: ولم يسمه لي، [ (١) ] وخرجه أيضا من حديث يونس [بن يزيد] [ (٢) ] عن ابن شهاب، عن عبد اللَّه


[ (١) ] (مسلم بشرح النووي) : ٧/ ١٨٣- ١٨٥، كتاب الزكاة، باب (٥١) ترك استعمال آل النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم على الصدقة، حديث رقم (١٦٧) .
قوله: «فانتحاه ربيعة بن الحارث» هو بالحاء، ومعناه: عرض له وقصده.
قوله: «ما تفعل هذا إلا نفاسة منك علينا» معناه حسدا منك لنا، قوله «أخرجا ما تصرران» ، هكذا هو في معظم الأصول ببلادنا، وهو الّذي ذكره الهروي، والمازري، وغيرهما من أهل الضبط، تصرران بضم التاء وفتح الصاد وكسر الراء وبعدها راء أخرى، ومعناه: تجمعانه في صدوركما من الكلام، وكل شيء جمعته فقد صررته.
ووقع في بعض النسخ: تسرران بالسين من السر، وذكر القاضي عياض فيه أربع روايات فلتراجع في (مسلم بشرح النووي) : ٧/ ١٨٤.
قوله: «قد بلغنا النكاح» أي الحلم، كقوله تعالى: وَابْتَلُوا الْيَتامى حَتَّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ [النساء ٦] .
قوله: «تلمع إلينا» بضم التاء وإسكان اللام وكسر الميم، ويجوز فتح التاء والميم، يقال: ألمع ولمع إذا أشار بثوبه أو بيده.
قوله صلّى اللَّه عليه وسلّم: «إن الصدقة لا تنبغي لآل محمد»
دليل على أنها محرمة سواء كانت بسبب العمل، أو بسبب الفقر والمسكنة وغيرهما من الأسباب الثمانية [المذكورة في الآية ٦٠ من سورة التوبة] ، وهذا هو الصحيح عند أصحابنا.
وجوّز بعض أصحابنا لبني هاشم وبنى المطلب العمل عليها بسهم العامل لأنه إجارة، وهذا ضعيف أو باطل، وهذا الحديث صحيح في رده.
قوله صلّى اللَّه عليه وسلّم: «إنما هي أوساخ الناس»
تنبيه على العلة في تحريمها على بنى هاشم وبنى المطلب، وأنها لكرامتهم وتنزيههم عن الأوساخ، ومعنى أوساخ الناس أنها تطهير لأموالهم ونفوسهم، كما قال تعالى:
خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها، فهي كغسالة الأوساخ. (مسلم بشرح النووي) :
٧/ ١٨٥.
[ (٢) ] زيادة للنسب من (صحيح مسلم) .