للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيه، وهذا كنظائره من عطف الخاص على العام تنبيها على شرفه وتخصيصا له بالذكر من بين النوع، لأنه أحق أنواع النوع بالدخول فيه، وهنا للناس طريقان، أحدهما:

أن ذكر الخاص قبل العام أو بعده قرينة تدل على أن المراد بالعام ما عداه، والطريق الأخرى: أن الخاص ذكر مرتين مرة بخصوصه ومرة بشمول الاسم العام له، تنبيها على مزيد شرفه، وهذا لقوله تعالى: وَإِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ [ (١) ] وقوله: مَنْ كانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكافِرِينَ [ (٢) ] .

القول الثالث: أن آله صلّى اللَّه عليه وسلّم أتباعه إلى يوم القيامة، حكاه ابن عبد البر عن بعض أهل العلم، وأقدم من روى عنه هذا القول جابر بن عبد اللَّه رضي اللَّه عنه، ذكره البيهقي عنه، ورواه عن سفيان الثوري، واختاره بعض أصحاب النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم، حكاه عنه أبو الطيب الطبري في تعليقه، ورجحه الشيخ أبو زكريا النووي في شرح مسلم، واختاره الأزهري، والحجة لهذا القول أن آل المعظم المتبوع هم أتباعه على دينه، وأمره قريبهم وبعيدهم، وأن اشتقاق هذه اللفظة تدل عليه، فإنه من آل يؤول إذا رجع، ومرجع الأتباع إلى متبوعهم، لأنه إمامهم [ومولاهم] ، ولهذا


[ () ] أمره صلّى اللَّه عليه وسلّم أن يثبت مكانه فلم يمتثل وقال: ما كان لابن أبى قحافة أن يتقدم بين يدي رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم، وكذلك امتناع عليّ رضي اللَّه عنه محو اسم النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم من الصحيفة في صلح الحديبيّة بعد أن أمره بذلك وقال: لا أمحو اسمك أبدا. وكلا الحديثين في الصحيح، فتقريره صلّى اللَّه عليه وسلّم لهما على الامتناع من امتثال الأمر تأدبا مشعر بأولويته.
والحديث استدل به القائلون بأن الزوجات من الآل، والقائلون إن الذرية من الآل، وهو أدلّ دليلا على ذلك لذكر الآل فيه مجملا ومبينا.
والحديث سكت عنه أبو داود والمنذري، وهو من طريق أبى جعفر محمد بن على بن الحسين بن على، عن المجمّر عن أبى هريرة عنه.
وقد اختلف فيه على أبى جعفر، وأخرجه النسائي من طريق عمرو بن عاصم، عن حبان بن يسار الكلابي، عن عبد الرحمن بن طلحة الخزاعي، عن أبى جعفر، عن محمد بن الحنفية، عن أبيه عن عليّ عن النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم بلفظ حديث أبى هريرة. وقد اختلف فيه على أبى جعفر، وعلى حبان بن يسار.
مختصرا من (المرجع السابق) : ١٩١.
[ (١) ] الأحزاب: ٧.
[ (٢) ] البقرة: ٩٨.