وقد نصّ غير واحد من الأئمة على تخطئة من ذهب في تفسير هذا إلى أنه ليس بابنه. وإنما كان ابن زنية، ويحكى القول بأنه ليس بانه وإنما كان ابن امرأته، عن مجاهد، والحسن، وعبيد بن عمير، وأبي جعفر الباقر، وابن جريج، واحتج بعضهم بقوله: إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ، وبقوله: فَخانَتاهُما، فممن قاله، الحسن البصري، احتجّ بهاتين الآيتين، وبعضهم بقول: ابن امرأته، وهذا يحتمل أن يكون أراد ما أراد الحسن، أو أراد أنه نسب إليه مجازا لكونه كان ربيبا عنده، واللَّه تعالى أعلم. وقال ابن عباس وغير واحد من السلف: ما زنت امرأة نبي قط، قال: وقوله: إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ أي الذين وعدتك نجاتهم، وقول ابن عباس في هذا هو الحق الّذي لا محيد عنه، فإن اللَّه سبحانه أغير من أن يمكن امرأة نبي من الفاحشة، ولهذا غضب اللَّه على الذين رموا أم المؤمنين عائشة بنت الصديق زوج النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم، وأنكر على المؤمنين الذين تكلموا بهذا وأشاعوه، ولهذا قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذابٌ عَظِيمٌ* لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً وَقالُوا هذا إِفْكٌ مُبِينٌ* لَوْلا جاؤُ عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَداءِ فَأُولئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكاذِبُونَ* وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِيما أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذابٌ عَظِيمٌ* إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْواهِكُمْ ما لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ. وقال عبد الرزاق: أخبرنا معمر عن قتادة وغيره، عن عكرمة عن ابن عباس قال: هو ابنه، غير أنه خالفه في العمل والنية. قال عكرمة في بعض الحروف: إنه عمل عملا غير صالح، والخيانة تكون على غير باب، وقد ورد في الحديث أن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم قرأ بذلك، فقال الإمام أحمد: حدثنا حماد ابن سلمة، عن ثابت، عن شهر بن حوشب عن أسماء بنت يزيد قال: سمعت رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم يقرأ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ وسمعته يقول: يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً، ولا يبالي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ. وقال الإمام أحمد أيضا: حدثنا وكيع، حدثنا هارون النحويّ، عن ثابت البناني، عن شهر ابن حوشب، عن أم سلمة، أن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم قرأها: إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ أعاده أحمد أيضا في مسنده، أم سلمة هي أم المؤمنين، والظاهر- واللَّه أعلم- أنها أسماء بنت يزيد، فإنّها تكنى بذلك أيضا. وقال عبد الرزاق أيضا: أنبأنا الثوري عن ابن عيينة، عن يونس بن أبى عائشة، عن سليمان ابن قبة، قال: سمعت ابن عباس سئل وهو إلى جنب الكعبة عن قول اللَّه تعالى: فَخانَتاهُما قال: أما إنه لم يكن بالزنا، ولكن كانت هذه تخبر الناس أنه مجنون، وكانت هذه تدل على الأضياف،