وكانت لما تأيمت، عرضها أبوها على أبى بكر، فلم يجبه بشيء، وعرضها على عثمان فقال: بدا لي ألا أتزوج اليوم، فوجد عليهما وانكسر، وشكا حاله إلى النبي صلّى اللَّه عليه وسلم، فقال: يتزوج حفصة من هو خير من عثمان، ويتزوج عثمان من هي خير من حفصة، ثم خطبها، فزوجه عمر- وزوج رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم عثمان بابنته رقية بعد وفاة أختها-[أخرجه ابن سعد في (الطبقات) ] ، والبخاري في النكاح، باب عرض الإنسان ابنته أو أخته على أهل الخير) . ولما أن زوجها عمر، لقيه أبو بكر فاعتذر، وقال: لا تجد عليّ، فإن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم، كان قد ذكر حفصة، فلم أكن لأفشى سرّه، ولو تركها لتزوجتها. [أخرجه البخاري، وهو قطعة من الحديث السابق] . وروى أن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم، طلّق حفصة تطليقة، ثم راجعها بأمر جبريل عليه السّلام له بذلك، وقال: إنها صوّامة قوّامة، وهي زوجتك في الجنة. [حديث صحيح أخرجه أبو داود، وابن ماجة، من حديث عمر: أن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم طلق حفصة ثم راجعها. وأخرجه النسائي من حديث ابن عمر، واسناده صحيح] . وحفصة، وعائشة، هما اللتان تظاهرتا على النبي صلّى اللَّه عليه وسلم، فأنزل اللَّه تعالى فيهما: إِنْ تَتُوبا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما وَإِنْ تَظاهَرا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلائِكَةُ، بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ* عَسى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْواجاً خَيْراً مِنْكُنَّ مُسْلِماتٍ مُؤْمِناتٍ قانِتاتٍ تائِباتٍ عابِداتٍ سائِحاتٍ ثَيِّباتٍ وَأَبْكاراً [التحريم: ٤- ٥] أخرجه البخاري في التفسير، باب تَبْتَغِي مَرْضاتَ أَزْواجِكَ، ومسلم في الطلاق، باب وجوب الكفارة على من حرّم امرأته. موسى بن على بن رباح، عن أبيه، عن عقبة، قال: طلق رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم حفصة، فبلغ ذلك عمر رضى اللَّه عنه، فحثا على رأسه التراب، وقال: ما يعبأ اللَّه بعمر وابنته. فنزل جبريل من الغد، وقال للنّبيّ صلّى اللَّه عليه وسلم: إن اللَّه يأمرك أن تراجع حفصة رحمة لعمر- رضى اللَّه عنهما-[أخرجه الطبراني في (الكبير) ] . توفيت حفصة سنة إحدى وأربعين، وقيل: توفيت سنة خمس وأربعين بالمدينة، وصلّى عليها والى المدينة مروان. [قاله الواقدي، عن معمر، عن الزهري، عن سالم. ذكره ابن مسعود في (الطبقات) ] . ومسندها في كتاب (بقي بن مخلد) ستون حديثا، اتفق لها الشيخان على أربعة أحاديث، وانفرد مسلم بستة أحاديث، [فما اتفقا عليه هو في البخاري في الأذان، باب الأذان بعد الفجر، ومسلم في صلاة المسافرين، باب استحباب ركعتي سنة الفجر، والبخاري في الحج، باب ما يقتل المحرم من الدواب، ومسلم في الحج، باب ما يندب للمحرم وغيره قتله من الدواب في الحل والحرم والبخاري في الحج- باب التمتع والقرآن والإفراد بالحج، وفسخ الحج لمن لم يكن معه هدى، ومسلم في الحج، باب أن القارن لا يتحلل إلا في وقت تحلل الحج المفرد، وما انفرد به مسلم: هو عنده في صلاة