للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلما قدم عمرو بن أمية بأم حبيبة المدينة، ابنتي بها رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم، والثابت أنها قدمت مع عمرو في إحدى السفينتين أيام خيبر، وقيل: بل بعث رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم أبا عامر الأشعري حين بلغه خطبة عمرو أم حبيبة وتزويج خالد إياها، فحملها إليه قبل قدوم أهل السفينتين وهيأ النجاشي طعاما أطعمه من حضره من المسلمين، وأهدى إلى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم كسوة جامعة، وأمر نساءه أن يبعثن إلى أم حبيبة فبعثن لها بعود وروس وعنبر وزياد كثير، قدمت به على رسول اللَّه، وكان يراه عندها وعليها فلا ينكره.

وأن أبا سفيان قال: أنا أبوها أم أبو عامر؟ وقيل: بل بعث إليها شرحبيل بن حسنة فجاءه بها.

قال ابن المبارك: أخبرنا معمر عن الزهري، عن عروة، أن أم حبيبة بعث بها النجاشي إلى النبي صلّى اللَّه عليه وسلم مع شرحبيل بن حسنة، ولما بلغ أبو سفيان تزوّج رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم أم حبيبة قال: ذلك الفحل لا [يقدع] أنفه [ (١) ] .

وقال ابن عباس رضى اللَّه عنه في قول اللَّه تعالى: عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً [ (٢) ] ، نزلت حين تزوج رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم أم حبيبة بنت أبى سفيان بن [حرب] [ (٣) ] وقيل قدم عمرو بن أمية بأم


[ (١) ] القدع: الكفّ والمنع، وفلان لا يقدع أنفه، أي لا يرتدع، وهذا فحل لا يقدع أي لا يضرب أنفه، وذلك إذا كان كريما، وفي حديث زواجه صلّى اللَّه عليه وسلم خديجة رضى اللَّه عنها: قال ورقة ابن نوفل: محمد يخطب خديجة، هو الفحل لا يقدع أنفه (لسان العرب) : ٨/ ٢٦٠.
[ (٢) ] الممتحنة: ٧.
[ (٣) ] وقد قال مقاتل بن حيان: إن هذه الآية نزلت في أبى سفيان صخر بن حرب، فإن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم تزوج ابنته، فكانت هذه مودة ما بينه وبينه. وفي هذا يقول العلامة محمد بن يوسف الشهير بأبي حيان الأندلسى الغرناطي: ومن ذكر أن هذه المودة هي تزويج النبي صلّى اللَّه عليه وسلم أم حبيبة بنت أبى سفيان، وأنها كانت بعد الفتح فقد أخطأ، لأن تزويجها كان وقت هجرة الحبشة، وهذه الآيات سنة ست من الهجرة، ولا يصح ذلك عن ابن عباس إلا أن يسوقه مثالا، وإن كان متقدما لهذه الآية، لأنه استمر