وقال ابن حزم: هذا الحديث وهم من بعض الرواة، لأنه لا خلاف بين الناس أن النبي صلّى اللَّه عليه وسلم تزوج أم حبيبة قبل الفتح بدهر وهي بأرض الحبشة، وأبوها كافر، وفي رواية عن ابن حزم أيضا أنه قال: أنه موضوع. قال: والآفة فيه من عكرمة بن عمار، الراويّ عن أبى زميل، وأنكر الشيخ أبو عمرو بن الصلاح رحمه اللَّه هذا أيضا على ابن حزم، وبالغ في الشناعة عليه. قال: وهذا القول من جسارته فإنه كان هجوما على تخطئة الأئمة الكبار، وإطلاق اللسان فيهم. قال: ولا نعلم أحدا من أئمة الحديث نسب عكرمة بن عمار إلى وضع الحديث، وقد وثقه وكيع، ويحيى بن معين، وغيرهما، وكان مستجاب الدعوة. قال: وما توهمه ابن حزم من منافاة هذا الحديث لتقدم زواجها غلط منه وغفلة، لأنه يحتمل أنه سأله تجديد عقد النكاح تطييبا لقلبه، لأنه ربما يرى عليها غضاضة من رياسته ونسبه، أن تزوج بنته بغير رضاه، أو أنه ظن أن إسلام الأب في مثل هذا يقتضي تجديد العقد، وقد خفي أوضح من هذا على أكبر مرتبة من أبى سفيان ممن كثر علمه، وطالت صحبته، هذا كلام أبى عمرو رحمه اللَّه، وليس في الحديث أن النبي صلّى اللَّه عليه وسلم جدّد العقد: ولا قال لأبى سفيان أنه يحتاج إلى تجديده، فلعله صلّى اللَّه عليه وسلم أراد بقوله: نعم، أن مقصودك يحصل، وإن لم يكن بحقيقة عقد. واللَّه تعالى أعلم. (مسلم بشرح النووي) : ١٦/ ٢٩٦.