للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب


[ () ] حلت لي، إنها لابنة أخى من الرضاعة، أرضعتنى وأبا سلمة ثويبة- فلا تعرضن عليّ بناتكن ولا أخواتكن. (فتح الباري) : ٩/ ١٩٨، كتاب النكاح، باب (٢٧) وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ، حديث رقم (٥١٠٧) ، (مسلم بشرح النووي) : ٩/ ٢٧٨، كتاب الرضاع، باب (٤) تحريم الربيبة وأخت المرأة، حديث رقم (١٥) ،
وقال الإمام النووي: هذا الإسناد فيه أربعة تابعيون:
أولهم: بكير بن عبد اللَّه بن الأشج، روى عن جماعة من الصحابة، والثاني عبد اللَّه بن مسلم الزهري أخو الزهري المشهور وهو تابعي سمع ابن عمرو آخرين من الصحابة، وهو أكبر من أخى الزهري المشهور، والثالث: محمد بن مسلم الزهري المشهور، وهو أخو عبد اللَّه الراويّ عنه كما ذكرنا، والرابع: حميد بن عبد الرحمن بن عوف، وهو الزهري، تابعيان مشهوران.
ففي هذا الإسناد ثلاث لطائف من علم الإسناد: إحداها: كونه جمع أربعة تابعين بعضهم عن بعض، الثانية: أن فيه رواية الكبير عن الصغير، لأن عبد اللَّه أكبر من أخيه محمد كما سبق، الثالثة: أن فيه رواية الأخ عن أخيه.
قوله صلّى اللَّه عليه وسلم: «لو أنها لم تكن ربيبتي في حجري ما حلت لي إنها ابنة أخى من الرضاعة» ،
معناه أنها حرام عليّ بسببين: كونها ربيبة، وكونها بنت أخى، فلو فقد أحد السببين حرمت بالآخر، والربيبة بنت الزوجة، مشتقة من الربّ، وهو الإصلاح، لأنه يقوم بأمورها، ويصلح أحوالها.
ووقع في بعض كتب الفقه أنها مشتقة من التربية، وهذا غلط فاحش، فإن من شرط الاشتقاق الاتفاق في الحروف الأصلية، ولام الكلمة، وهو الحرف الأخير مختلف، فإن آخر ربّ باء موحدة، وفي آخر ربّى ياء مثناة من تحت، واللَّه تعالى أعلم.
قوله صلّى اللَّه عليه وسلم: «ربيبتي في حجري» ،
ففيه حجة لداود الظاهري أن الربيبة لا تحرم إلا إذا كانت في حجر زوج أمها، فإن لم تكن في حجره فهي حلال له، وهو موافق لظاهر قوله تعالى: وَرَبائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ، ومذهب العلماء كافة سوى داود أنها حرام، سواء كانت في حجره أم لا.
قالوا: والتقييد إذا خرج على سبب لكونه الغالب، لم يكن له مفهوم يعمل به، فلا يقصر الحكم عليه، ونظيره قوله تعالى: وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ، ومعلوم أنه يحرم قتلهم بغير ذلك أيضا، لكن خرج التقييد بالإملاق لأنه الغالب، وقوله تعالى: وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً، ونظائره في القرآن كثيرة.
قوله صلّى اللَّه عليه وسلم: «أرضعتنى وأباه ثويبة» ،
أباها بالباء الموحدة، أي أرضعتنى أنا وأبوها أبو سلمة، من ثوبية بثاء مثلثة مضمومة، ثم واو مفتوحة ثم ياء التصغير ثم باء موحدة ثم هاء، وهي مولاة لأبى لهب، ارتضع منها صلّى اللَّه عليه وسلم قبل حليمة السعدية رضى اللَّه عنها.
قوله صلّى اللَّه عليه وسلم: «فلا تعرضوا عليّ بناتكن ولا أخواتكن» ،
إشارة إلى أخت أم حبيبة، وبنت أم سلمة، واسم أخت أم حبيبة هذه: عزّة، بفتح العين المهملة، وهذا محمول على أنها لم تعلم حينئذ تحريم