للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعلى هذا فيصح الحديث الأول، ويكون قد وقع الوهم من بعض الرواة في قوله: عندي أحسن العرب وأجمله أم حبيبة، وإنما قال: عزة، فشبه على الراويّ، أو أنه قال- يعنى الشيخ-: ابنته، فتوهم السامع أنها أم حبيبة، إذا لم يعرف سواها، ولهذا النوع من الغلط شواهد كثيرة، قلما قررت سرد ذلك في خبر مفرد لهذا الحديث، وللَّه الحمد، وهذا القول جيد، لكن سرده أن النبي صلّى اللَّه عليه وسلم قال: نعم، فأجابه إلى ما سأل، ولو كان المسئول أن يزوجه أخت أم حبيبة لقال: إنها لا تحل لي كما قال ذلك لأم حبيبة، ولولا هذا لكان هذا التأويل في الحديث من أحسن التأويل.

وقال ابن طاهر المقدسي في (مسألة الانتصار) : والشبهة التي حملته- يعنى ابن حزم- على الكلام في عكرمة بن عمار بغير حجة، هي أن النجاشي زوّج أم حبيبة من النبي صلّى اللَّه عليه وسلم وهي بأرض الحبشة، ثم بعث بها إلى المدينة قبل إسلام أبى سفيان.

والجواب عن هذه الشبهة: أن أبا سفيان لما أسلم أراد بهذا القول تجديد النكاح، لأنه إذا ذاك كان مشركا، فلما أسلم ظن أن النكاح [يجدد] بإسلام الولي، وخفي ذلك عليه، وقد خفي على أمير المؤمنين على بن أبى طالب الحكم في الّذي [] [ (١) ] مع قدم إسلامه وصحبته وعلمه وفقهه، حتى أرسل المقداد فسأل رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم عن ذلك، وخفي على عبد اللَّه بن عمر الحكم في طلاق الحائض، حتى سأل عمر رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم، فأمره بالسنة


[ () ] الجمع بين الأختين، وكذا لم تعلم من عرض بنت أم سلمة تحريم الربيبة، وكذا لم تعلم من عرض بنت حمزة تحريم بنت الأخ من الرضاعة، أو لم تعلم أن حمزة أخ له من الرضاع، واللَّه تعالى أعلم.
(المرجع السابق) .
وأخرجه أيضا الحافظ البيهقي في (السنن الكبرى) : ٧/ ١٦٢، كتاب النكاح، باب ما جاء في قول اللَّه تعالى: وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ.
[ (١) ] ما بين الحاصرتين مطموس في (خ) .