للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عكرمة من عهدة التفرد به.

قيل: هذه المتابعة لا تفيد قوة، فإن هؤلاء مجاهيل لا يعرفون بنقل العلم، ولا هم ممن يحتج به، فضلا [عن] أن تقدم روايتهم على النقد المستفيض المعلوم خاصة عند أهل العلم وعامتهم، فهذه المتابعة إن لم تزده وهنا لم تزده قوة.

وقالت طائفة، منهم البيهقي والمنذري- رحمهما اللَّه-: يحتمل أن تكون مسألة أبي سفيان النبيّ صلّى اللَّه عليه وسلم أن يزوجه أم حبيبة وقعت في بعض خرجاته إلى المدينة وهو كافر، حين كان سمع نفى زوج أم حبيبة بأرض الحبشة، والمسألة الثانية والثالثة وقعتا بعد إسلامه، فجمعهما الراويّ.

وعورض هذا بأن أبا سفيان إنما قدم آمنا بعد الهجرة في زمن [الهدنة] [ (١) ] قبيل الفتح، وكانت أم حبيبة إذ ذاك من نساء النبي صلّى اللَّه عليه وسلم، ولم يقدم أبو سفيان قبل ذلك إلا مع الأحزاب عام الخندق، ولولا الهدنة والصلح الّذي كان بينهم وبين النبي صلّى اللَّه عليه وسلم لم يقدم المدينة، فمتى [قد تزوج] [ (١) ] النبي صلّى اللَّه عليه وسلم أم حبيبة، وهذا وهم بيّن، ومع ذلك فإنه لا يصح أن يكون تزويجه إياها في حال كفره، إذ لا ولاية له عليها، ولا تأخّر تزوجه إياها بعد إسلامه لما تقدم.

فعلى التقريرين لا يصحّ قوله: أزوجك أم حبيبة، هذا، وظاهر الحديث يدل على أن المسائل الثلاثة وقعت منه في وقت واحد، فإنه قال: ثلاث أعطينهن ... ، الحديث.

ومعلوم أن سؤاله [تزويجها] [ (١) ] واتخاذ معاوية كاتبا، إنما يتصور بعد إسلامه، فكيف يقال: سأل بعض ذلك حال كفره، وبعضه وهو مسلم، وسياق الحديث يرده.


[ (١) ] زيادة للسياق.