وقالت طائفة: بل يمكن حمل الحديث على محمل صحيح يخرج به عن كونه موضوعا، إذ القول بأنه في صحيح مسلم حديث موضوع مما يسهل.
قال: ووجهه أن تكون معنى [أزوّجك] [ (١) ] بها: أرضى بزواجك بها، فإنه كان على زمن منى وبدون اختياري، وإن كان نكاحك صحيحا، لكن هذا أجمل وأحسن وأكمل، لما فيه من تأليف القلوب. قال: وتكون إجابة النبي صلّى اللَّه عليه وسلم بنعم له، كانت تأنيسا له، ثم أخبره بعد بصحة العقد، وأنه لا يشترط رضاك، ولا ولاية لك عليها، لاختلاف دينكما حالة العقد. قال:
وهذا مما لا يمكن دفع احتماله.
وردّ هذا بأن ما ذكرتم لا يفهم من لفظ الحديث، فإن قوله: عندي أجمل العرب أزوجكها، لا يفهم منه أحد أن زوجتك التي هي في عصمة نكاحك أرضى زواجك بها، ولا يطابق هذا المعنى أن يقول له النبي صلّى اللَّه عليه وسلم:
نعم، فإنه إنما سأل من النبي صلّى اللَّه عليه وسلم أمرا تكون الإجابة إليه من جهته صلّى اللَّه عليه وسلم، وأما رضاه بزواجه بها فأمر قائم بقلبه هو، فكيف يطلب من النبي صلّى اللَّه عليه وسلم؟
ولو قيل: طلب منه أن يقره على نكاحه إياها- وسمى إقراره نكاحا- لكان مع فساده أقرب إلى اللفظ، وكل هذه تأويلات لا يخفى شدة بعدها، وأنها مستنكرة [و] [ (١) ] في غاية المنافرة للفظ ولمقصود الكلام.
وقالت طائفة: كان أبو سفيان يخرج إلى المدينة كثيرا، [فجاءها وهو كافر] [ (١) ] وبعد إسلامه حين كان النبي صلّى اللَّه عليه وسلم آلى من نسائه شهرا واعتزلهن، فتوهم أن ذلك الإيلاء طلاق، كما توهمه عمر رضى اللَّه عنه، فظن وقوع الفرقة به، فقال هذا القول للنّبيّ صلّى اللَّه عليه وسلم، متعطفا ومتعرضا لعله يراجعها، فأجابه النبي صلّى اللَّه عليه وسلم على تقدير إن امتد الإيلاء أوقع طلاق، فلم يقع شيء من