وردّ هذا بأن قوله: عندي أجمل العرب وأحسنه أزوجك إياها، لا يفهم منه ما ذكر من شأن الإيلاء ووقوع الفرقة به، ولا يصح أن يجاب بنعم، ولا كان أبو سفيان حاضرا وقت الإيلاء، فإن النبي صلّى اللَّه عليه وسلم اعتزل في مشربة [و] [ (١) ] حلف أن لا يدخل على نسائه شهرا، وجاء عمر بن الخطاب رضى اللَّه عنه فاستأذن في الدخول عليه مرارا، فأذن له في الثالثة، فقال: طلقت نساءك؟ قال: لا، قال عمر: اللَّه أكبر، واشتهر عند الناس أنه لم يطلق نساءه، وأين كان أبو سفيان حينئذ؟
وقال المحب الطبري: يحتمل أن يكون أبو سفيان قال ذلك كله قبل إسلامه بمدة تتقدم على تاريخ النكاح، كالمشترط ذلك في إسلامه، ويكون التقدير: ثلاث إن أسلمت تعطيهن: أم حبيبة أزوجكها، ومعاوية يسلم فيكون كاتبا بين يديك، وتؤمرنى بعد إسلامي فأقاتل الكفار كما كنت أقاتل المسلمين، [حيث قد كان الناس] [ (١) ] لا ينظرون إلى أبى سفيان ولا يقاعدونه، فقال: يا نبي اللَّه! ثلاث أعطينهنّ ... ، لا يليق أن يصدر منه وهو بمكة قبل الهجرة أو بعد الهجرة وهو يجمع الأحزاب لحرب رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم أو وقت قدومه المدينة، وأم حبيبة عند النبي صلّى اللَّه عليه وسلم لا عنده، فما هذا إلا تكلف وتعسف، فكيف يقول- وهو كافر-: حتى أقاتل المشركين كما كنت أقاتل المسلمين؟ وكيف ينكر جفوة المسلمين له وهو جاهد مجد في قتالهم وحربهم وإطفاء نور اللَّه؟
وهذه قصة إسلام أبى سفيان معروفة، لا اشتراط فيها ولا تعرض لشيء من هذا، ومن أنصف علم أن هذه التأويلات كلها بعيدة، وأن الصواب في الحديث أنه غير محفوظ، بل وقع فيه تخبيط، واللَّه أعلم.