قال القسطلاني: ومات عنده صلّى اللَّه عليه وسلم منهن اثنتان: خديجة، وزينب أم المساكين، ومات صلّى اللَّه عليه وسلم عن تسع، ذكر أسماهن الحافظ أبو الحسن بن الفضل المقدسي نظما فقال: توفى رسول اللَّه عن تسع نسوة ... إليهن تعزى المكرمات وتنسب فعائشة وميمونة وصفية ... وحفصة تتلوهن هند وزينب جويرية مع رملة ثم سودة ... ثلاث وست ذكرهن مهذب وهند: هي أم سلمة، ورملة: هي أم حبيبة، (المواهب اللدنية) ٢/ ٧٥- ٧٦. [ (١) ] (طبقات ابن سعد) : ١/ ٤٠٩. [ (٢) ] قال الإمام النووي: وأما طوافه على نسائه بغسل واحد، فيحتمل أنه صلّى اللَّه عليه وسلم كان يتوضأ بينهما، أو يكون المراد بيان جواز ترك الوضوء، وقد جاء في (سنن أبى داود) أنه صلّى اللَّه عليه وسلم طاف على نسائه ذات ليلة، يغتسل عند هذه وعند هذه، فقيل: يا رسول اللَّه، ألا تجعله غسلا واحدا؟ فقال: هذا أزكى، وأطيب، وأطهر، قال أبو داود: والحديث الأول أصح، قلت: وعلى تقدير صحته، يكون هذا في وقت وذاك في وقت، واللَّه تعالى أعلم. واختلف العلماء في حكمة هذا الوضوء، فقال أصحابنا: لأنه يخفف الحدث، فإنه يرفع الحدث عن أعضاء الوضوء. وقال أبو عبد اللَّه المازري رضى اللَّه عنه: اختلف في تعليله، فقيل: ليبيت على إحدى الطهارتين، خشية أن يموت في منامه. وقيل: بل لعله ينشط إلى الغسل إذا نال الماء أعضاءه. قال المازري ويجرى هذا الخلاف في وضوء الحائض قبل أن تنام، فمن علل المبيت على طهارة استحبه لها. هذا كلام المازري. وأما أصحابنا: فإنّهم متفقون على أنه لا يستحب الوضوء للحائض والنفساء، لأن الوضوء لا يؤثر في حدثهما، فإن كانت الحائض قد انقطعت حيضتها، صارت كالجنب واللَّه تعالى أعلم. وأما طواف النبي صلّى اللَّه عليه وسلم على نسائه بغسل واحد، فهو محمول على أنه كان برضاهن، أو برضى صاحبة النوبة، إن كانت نوبة واحدة، وهذا التأويل يحتاج إليه من يقول: كان القسم واجبا على رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم في الدوام، كما يجب علينا، وأما من لا يوجبه فلا يحتاج إلى تأويل، فإنه له أن يفعل ما يشاء. وهذا الخلاف في وجوب القسم، هو وجهان لأصحابنا، واللَّه تعالى أعلم.