وإن قال: واللَّه ليطولن تركي لجماعك، أو لوطئك، أو لإصابتك، فهذا صريح في ترك الجماع، وتعتبر نية المدة دون نية الوطء. وإن قال لإحدى زوجتيه: واللَّه لا وطئتك، ثم قال للأخرى: أشركتك معها، لم يصر مؤليا من الثانية على قول، وعلى آخر يكون مؤليا. وكذلك لو الى رجل من زوجته، فقال آخر لامرأته: أنت مثل فلانة لم يكن مؤليا، وإن قال: إن وطئتك فأنت طالق، ثم قال لزوجته الأخرى: أشركتك معها، ونوى، فقد صار طلاق الثانية معلقا على وطئها- أي وطء الثانية- أيضا. ويصح الإيلاء بكل لغة من العجمية وغيرها ممن يحسن العربية وممن لا يحسنها، فإن آلى بالعجمية من لا يحسنها وهو لا يدرى معناها لم يكن مؤليا، وإن نوى موجبها عند أهلها، وكذلك الحكم إذا آلى بالعربية من لا يحسنها، فإن اختلف الزوجان في معرفته بذلك، فالقول قول الزوج، إذا كان متكلما بغير لسانه. فأما إن آلى العربيّ بالعربية، ثم قال: جرى على لساني من غير قصد، أو قال ذلك العجمي في إيلائه بالعجمية لم يقبل في الحكم. ويصح الإيلاء بأن يحلف باللَّه تعالى، أو بصفة عن صفاته. ولا خلاف بين أهل العلم في أن الحلف بذلك إيلاء، فأما إن حلف على ترك الوطء بغير ذلك مثل: أن يحلف بطلاق، أو عتاق، أو صدقة المال، أو الحج، أو الظهار، فلا يكون مؤليا، في الرواية المشورة، وفي الأخرى: هو مؤل، وعلى الرواية الأخيرة لا يكون مؤليا، إلا أن يحلف بما يلزمه بالحنث فيه حق، كقوله: إن وطئتك فعبدي حر، أو فلله عليّ صوم سنة، أو فأنت طالق، أو فأنت عليّ حرام، ونحوه، فهذا يكون إيلاء. ويكون مؤليا بنذر فعل المباحات والمعاصي أيضا، فإن نذر المعصية موجب للكفارة في ظاهر المذهب، وإذا استثنى في يمينه- قال: إن شاء اللَّه- لم يكن مؤليا بلا خلاف إذا كانت اليمين باللَّه تعالى، أو كانت يمينا مكفرة- منعقدة- فأما تعليق الطلاق والعتاق، فمن جعل الاستثناء فيهما غير مؤثر، فوجوده كعدمه، ويكون مؤليا بهما، سواء استثنى أم لم يستئن. ولا يشترط في الإيلاء الغضب. ولا قصد الإضرار، ويصح الإيلاء من كل زوج مكلف قادر على الوطء. أما العاجز عن الوطء، فإن كان لعارض مرجوّ زواله، كالمرض، والحبس، صح إيلاؤه. وإن كان غير موجوّ الزوال كالجبّ- قطع الذكر- والشلل لم يصح إيلاؤه، وهو الأولى. وأما الخصىّ الّذي سلت بيضتاه، أو رضتا، فيمكن منه الوطء، وينزل ماء رقيقا، فيصح إيلاؤه، وكذلك المجبوب الّذي بقي من ذكره ما يمكن الجماع به، ويصح إيلاء الذمي ويلزمه ما يلزم المسلم إذا تقاضى إلينا. ويصح الإيلاء من كل زوجة، مسلمة كانت أو ذمية، حرة كانت أو أمة، ويصح الإيلاء من المجنونة، والصغيرة، إلّا أنه لا يطالب بالفيئة في الصغر والجنون، فأما الرتقاء، والقرناء، فلا يصح