للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي رواية: لما نزلت آية الزقوم، لم تعرفه قريش، فقال أبو جهل: هذا شجر لا ينبت بأرضنا، فمن منكم يعرفه؟ فقال رجل قدم من إفريقية:

الزقوم بلغة إفريقية: الزبد والتمر، فقال أبو جهل: يا جارية، هاتي تمرا وزبدا نتزقمه، فجعلوا يأكلون ويتزقمون ويقولون: أبهذا يخوفنا محمد في الآخرة، فبين اللَّه في آية أخرى الزقوم بقوله: إِنَّها شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ.

ونزل قوله تعالى: وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنى [ (١) ] في أبى جهل [ (٢) ] . وقال أبو بكر بن أبى شيبة: حدثنا عبد اللَّه بن نمير عن حجاج عن منذر عن ابن الحنفية في قوله تعالى: وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ وَأَثْقالًا مَعَ أَثْقالِهِمْ [ (٣) ] قال: كان أبو جهل وصناديد قريش يأتون الناس إذا جاءوا إلى النبي صلّى اللَّه عليه وسلم يسلمون فيقولون: إنه يحرم الخمر ويحرم ما كانت تصنع العرب فارجعوا فنحن نحمل أوزاركم، فنزلت هذه الآية:

وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ [ (٤) ] .


[ (١) ] الليل: ٨- ٩.
[ (٢) ] (البحر المحيط) : ١٠/ ٤٩٤، وقال الزمخشريّ: الآية واردة في الموازنة بين حالتي عظيم من المشركين [وهو أبو جهل] ، وعظيم من المؤمنين [وهو أبو بكر] ، فأريد أن يبالغ في صفتيهما المتناقضتين، فقيل: الأشقى، وجعل مختصا بالصلى، كأن النار لم تخلق إلا له. وقال: الْأَتْقَى، وجعل مختصا بالنجاة، وقيل: هما أبو جهل أو أمية بن خلف، وأبو بكر الصديق رضى اللَّه تعالى عنه.
(المرجع السابق) ، (الكشاف) ٤/ ٢١٨.
[ (٣) ] العنكبوت: ١٣.
[ (٤) ] قوله تعالى: وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنا وَلْنَحْمِلْ خَطاياكُمْ وَما هُمْ بِحامِلِينَ مِنْ خَطاياهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ [العنكبوت: ١٢] ، أي إن كان اتباع سبيلنا خطيئة تؤاخذون بها عند البعث والنشور كما تقولون، فلنحمل ذلك عنكم، فنؤاخذ بها دونكم.
قال مقاتل: يعنى قولهم: نحن الكفلاء بكل تبعة تصيبكم من اللَّه، واللام في لْنَحْمِلْ لام الأمر، كأنهم أمروا أنفسهم بذلك، وقال الزمخشريّ: الأمر بمعنى الخبر، وقرئ بكسر اللام، وهو لغة الحجاز، ثم ردّ عليهم بقوله: وَما هُمْ بِحامِلِينَ مِنْ خَطاياهُمْ مِنْ شَيْءٍ، من الأولى بيانية،