للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العزيز: حَمَّالَةَ الْحَطَبِ، امرأة أبى لهب بن عبد المطلب، لأنها كانت تحمل أغصان العضاة والشوك، فتطرحها في طريق رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم، أو لأنها حمالة النميمة، تحطب على ظهرها.

ولم نزلت سورة تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ* ما أَغْنى عَنْهُ مالُهُ وَما كَسَبَ* سَيَصْلى ناراً ذاتَ لَهَبٍ* وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ* فِي جِيدِها حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ [ (١) ] ، قالت أم جميل: هجاني محمد، واللَّه لأهجونّه:

محمّدا قلينا ... ودينه أبينا

وأخذت فهرا لتضربه، فأغشى اللَّه عينيها عنه، وردها بغيظها، وهي أم عتبة، وعتيبة، بنى أبى لهب [ (٢) ] .


[ (١) ] سورة المسد كلها، سمّيت هذه السورة في أكثر المصاحف: «سورة تبّت» ، وكذلك عنونها الترمذي في (جامعة) ، وفي أكثر كتب التفسير، تسمية لها بأول كلمة فيها. وسميت في بعض المصاحف وبعض التفاسير «سورة المسد» ، واقتصر في (الإتقان) على هذين. وسماها بعض المفسرين: «سورة أبى لهب» ، على تقدير: سورة ذكر أبى لهب، وعنونها أبو حيان في تفسيره: «سورة اللهب» ، ولم أره لغيره. وعنونها ابن العربيّ في (أحكام القرآن) : «سورة ما كان من أبي لهب» ، وهو عنوان وليس باسم. وهي مكية بالاتفاق، وعدّت السادسة من السور نزولا، نزلت بعد سورة الفاتحة، وقبل سورة التكوير. وعدد آياتها خمس.
روى أن نزولها كان في السنة الرابعة من البعثة، وسبب نزولها على ما في الصحيحين، عن ابن عباس، قال: صعد رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم ذات يوم على الصفا، فنادى: «يا صباحاه» ، [كلمة ينادى بها للإنذار من عدوّ يصبّح القوم] ، فاجتمعت إليه قريش، فقال: إني نذير لكم بين يدي عذاب شديد، أرأيتم لو أنى أخبرتكم أن العدو ممسيكم أو مصبحكم أكنتم تصدقوني؟ قالوا: ما جرّ بنا عليك كذبا، فقال أبو لهب: تبا لك سائر اليوم ألهذا جمعتنا؟! فنزلت: تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ.
[ (٢) ] وأبو لهب: هو عبد العزى بن عبد المطلب، وهو عمّ النبي صلّى اللَّه عليه وسلم، وكنيته أبو عتبة تكنية باسم ابنه، وأما كنيته بأبي لهب في الآية، فقيل: كان يكنّى بذلك في الجاهلية [لحسنه وإشراق وجهه] ، وأنه اشتهر بتلك الكنية، كما اقتضاه حديث طارق المحاربي، ومثله حديث من ربيعة بن عباد الديليّ في (مسند أحمد) .
فسماه القرآن بكنيته دون اسمه، لأن في اسمه عبادة العزّى، وذلك لا يقرّه القرآن، أو لأنه كان بكنيته أشهر منه باسمه العلم، أو لأن في كنيته ما يتأتى به التوجيه بكونه صائرا إلى النار، وذلك كناية عن كونه جهنميا، لأن اللهب: ألسنة النار إذا اشتعلت وزال عنها الدخان. والأب يطلق