للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بمعوذين فلبسهما، وكسى الأعرابي الحلة، ثم أمر بمثلهما تحاكان له، فمات صلّى اللَّه عليه وسلم وهما في الحياكة [ (١) ] .

وخرّجه ابن حبان ولفظه: قال خيطت لرسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم جبة من صوف أنمار فلبسها، فما أعجب بثوب ما أعجب به، فجعل يمسه بيده ويقول:

انظروا! ما أحسنها، وفي القوم أعرابى فقال: يا رسول اللَّه، هبها لي، فخلعها [صلّى اللَّه عليه وسلم] فدفعها في يديه.

وذكر الزبير بن بكار، عن محمد بن سلام، عن يزيد بن عياض قال: أهدى حكيم بن حزام للنّبيّ صلّى اللَّه عليه وسلم في الهدنة التي كانت بين النبي صلّى اللَّه عليه وسلم وبين قريش حلة ابن ذي يزن، اشتراها بثلاثمائة دينار، فردّها عليه وقال: لا أقبل هدية مشرك، فباعها حكيم، فأمر رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم من اشتراها له، فلبسها رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم فلما رآه حكيم قال له:

ما ينظر الحكام بالفضل بعد ما ... بدا سابق، ذو غرّة وحجول

فكساها رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم أسامة بن زيد بن حارثة، فرآها عليه حكيم فقال: بخ بخ [ (٢) ] يا أسامة، عليك حلة ابن ذي يزين! فقال له رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم:

قل له: وما يمنعني؟ وأنا خير منه وأبى خير من أبيه [ (٣) ] .

وذكر محمد بن عمر الواقدي عن الضحاك بن عثمان، عن أهله قال:

قال حكيم بن حزام: كنت أعالج البزّ في الجاهلية، فكنت رجلا تاجرا أخرج إلى اليمن وإلى الشام في الرحلتين [ (٤) ] ، فكنت أربح أرباحا كثيرة، فأعود على فقراء قومي، ونحن لا نعبد شيئا، نريد ثراء الأموال والمحبة في العشيرة، وكنت أحضر الأسواق، وكانت لنا ثلاثة أسواق: سوق لعكاظ، تقوم صبح هلال ذي القعدة، فتقوم عشرين يوما وتحضرها العرب، وبه ابتعت زيد بن حارثة لعمتي خديجة بنت خويلد- وهو يومئذ غلام-


[ (١) ] (مجمع الزوائد) : ٥/ ١٣٠.
[ (٢) ] اسم فعل يفيد الاستحسان.
[ (٣) ] (سير أعلام النبلاء) : ٣/ ٤٦- ٤٧.
[ (٤) ] رحلة الشتاء والصيف.