قوله: «فقال عبد اللَّه بن عمر: أما الأركان فإنّي لم أر رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يمسّ» وفي رواية: «يستلم» منها «إلا» الركنين «اليمانيين» بالتخفيف لأنهما على قواعد إبراهيم، ومسهما واستلامهما مختلف. فالعراقى مسّه وهو استلامه بالتقبيل لاختصاصه بالحجر الأسود إن قدر وإلا فبيده أو بعود، ثم وضعه على فيه بلا تقبيل. واليماني مسه بيده، ثم يضعها على فيه بلا نقبيل، ولا يمسه بفيه بخلاف الشاميين، فليسا على قواعد إبراهيم، فلم يمسها فالعلة ذلك. قال القابسي: لو أدخل الحجر في البيت حتى عاد الشاميان على قواعد إبراهيم استلما. قال ابن القصار: ولذا لما بنى الزبير الكعبة على قواعده استلم الأركان كلها، والّذي قاله الجمهور سلفا وخلفا أن الشاميين لا يستلمان. قال عياض: واتفق عليه أئمة الأمصار والفقهاء وإنما كان الخلاف في ذلك في العصر الأول من بعض الصحابة وبعض التابعين، ثم ذهب. وقال بعض العلماء: اختصاص الركنين بيّن بالسنة، ومستند التعميم بالقياس. وأجاب الشافعيّ عن قول من قال: ليس شيء من البيت مهجور بأنا لم ندع استلامهما هجرا للبيت، وكيف يهجره وهو يطوف به؟ ولكنا نتبع السنة فعلا أو تركا، ولو كان ترك استلامهما هجرا لهما لكان استلام ما بين الأركان هجرا لها، ولا قائل به. قوله: «وأما النعال السبتية، فإنّي رأيت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يلبس النعال التي ليس فيها شعر» ، أشار إلى تفسيرها بذلك، وهكذا قال جماهير أهل اللغة والغريب والحديث: أنها التي لا شعر فيها. قوله: «ويتوضأ فيها» ، أي النعال، أي يتوضأ ويلبسها ورجلاه رطبتان، قاله النووي، «فأنا أحب أن ألبسهما» اقتداء به «وأما الصفرة فإنّي رأيت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يصبغ بها فأنا أحب أن أصبغ بها» ، قال المازري: قيل: المراد صبغ الشعر، وقيل: صبغ الثوب، قال: والأشبه الثاني لأنه أخبر أنه صلى اللَّه عليه وسلم صبغ، ولم ينقل عنه صلى اللَّه عليه وسلم أنه صبغ شعره.