للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فذهب جماعة من أهل العلم أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم كان يخضب بالحناء، ويصفر شيبة، على أنهم مجمعون أنه إنما شاب منه عنفقته وشيء من صدغيه لا غير، وقال آخرون: لم يخضب [ (١) ] .

وذكروا حديث إسرائيل عن سماك، عن جابر بن سمرة قال: كان رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قد شمط مقدم رأسه ولحيته، فإذا ادّهن وأمتشط لم يتبيّن شيبة، فإذا أشعث كان متبيّنا، وكان كثير شعر الرأس واللحية [ (٢) ] .

وحديث هشام عن قتادة قال: سألت سعيد بن المسيب: أخضب رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم؟ قال: لم يبلغ ذلك [ (٣) ] .


[ () ] بيضاء. قال حميد: كن سبعة عشرة.
وفي مسند عبد بن حميد، من طريق حماد عن ثابت، عن أنس: ما عددت في رأسه ولحيته إلا أربع عشرة شعرة.
وعند ابن ماجة من وجه آخر عن أنس: إلا سبع عشرة أو عشرين شعرة.
وروى الحاكم في (المستدرك) ، من طريق عبد اللَّه بن محمد بن عقيل، عن أنس قال: لو عددت ما أقبل عليّ من شيبة في رأسه ولحيته ما كنت أزيدهن على إحدى عشرة شيبة.
قوله: «فرأيت شعرا من شعره فإذا هو أحمر فسألت فقيل: «احمرّ من الطيب» ، لم أعرف المسئول المجيب بذلك، إلا أنه في رواية ابن عقيل المذكورة من قبل، أن عمر بن عبد العزيز قال لأنس: هل خضب النبي صلى اللَّه عليه وسلم؟ فإنّي رأيت شعرا من شعره قد لون، فقال: إنما هذا الّذي لون من الطيب الّذي كان يطيب به شعر رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فهو الّذي غيّر لونه، فيحتمل أن يكون ربيعة سأل أنسا عن ذلك فأجابه.
ووقع في (رجال مالك) للدارقطنيّ، وهو في (غرائب مالك) له، عن أبى هريرة قال: لما مات النبي صلى اللَّه عليه وسلم خضب من كان عنده شيء من شعره ليكون أبقى لها.
قال الحافظ ابن حجر: فإن ثبت هذا استقام إنكار أنس، ويقبل ما أثبته سواه التأويل. (فتح الباري) : ٦/ ٧٠٧- ٧٠٨ مختصرا.
[ (١) ] (المرجع السابق) : ٦/ ٧٠٩، (طبقات ابن سعد) : ١/ ٤٣٣.
[ (٢) ] (مسلم بشرح النووي) : ١٥/ ١٠٥، كتاب الفضائل، باب (٢٩) ، شيبة صلى اللَّه عليه وسلم، حديث رقم (١٠٩) ، (طبقات ابن سعد) : ١/ ٤٣٣.
[ (٣) ] (طبقات ابن سعد) : ١/ ٤٣٣.