للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذكره في كتاب الهبة [في باب ما لا يرد من الهدية] ولفظه: حدثني ثمامة بن عبد اللَّه قال: دخلت عليه فناولني طيبا، قال: كان أنس [رضى اللَّه عنه] لا يردّ الطيب، قال: وزعم أنس أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم كان لا يردّ الطيب [ (١) ] .


[ () ] الطيب فلا يرده. وهذه الزيادة لم يصرح برفعها.
وقد أخرج أبو داود والنسائي، وصححه ابن حبان من رواية الأعرج، عن أبى هريرة رفعه: من عرض عليه طيب فلا يرده، فإنه طيّب الريح حفيف المحمل.
وأخرج مسلم من هذا الوجه، لكن وقع عنده: ريحان بدل طيب. والريحان كل بقلة لها رائحة طيبة. قال المنذري: ويحتمل أن يراد بالريحان جميع أنواع الطيب، يعنى مشتقا من الرائحة.
قال الحافظ: مخرج الحديث واحد، والذين رووه بلفظ الطيب أكثر عددا وأحفظ فروايتهم أولى، وكأن من رواه بلفظ ريحان أراد التعميم حتى لا يخص بالطيب المصنوع، لكن اللفظ غير واف بالمقصود.
وللحديث شاهد عن ابن عباس أخرجه الطبراني بلفظ: من عرض عليه الطيب فليصب منه، نعم أخرج الترمذي من مرسل أبى عثمان النهدي: إذا أعطى أحدكم الريحان فلا يرده فإنه خرج من الجنة.
قال ابن العربيّ: إنما كان لا يرد الطيب لمحبته فيه، ولحاجته إليه أكثر من غيره، لأنه صلى اللَّه عليه وسلم يناجي من لا نناجى، وأما نهيه صلى اللَّه عليه وسلم عن رد الطيب فهو محمول على ما يجوز أخذه لا على ما لا يجوز أخذه، لأنه مرود بأصل الشرع. (فتح الباري) : ١٠/ ٤٥٣- ٤٥٤.
[ (١) ] (فتح الباري) : ٥/ ٢٦١، كتاب الهبة وفضلها والتحريض عليها، باب (٩) ما لا يردّ من الهدية، حديث رقم (٢٥٨٢) ، قوله: «باب ما لا يرد من الهدية» ، كأنه أشار إلى ما رواه الترمذي من حديث ابن عمر مرفوعا: ثلاث لا ترد: الوسائد، والدهن، واللبن، قال الترمذي: يعنى بالدهن: الطيب، وإسناده حسن، إلا أنه ليس على شرط البخاري، فأشار إليه، واكتفى بحديث: أنه صلى اللَّه عليه وسلم كان لا يرد الطيب.
قال ابن بطال: إنما كان صلى اللَّه عليه وسلم لا يرد الطيب من أجل أنه ملازم لمناجاته الملائكة، ولذلك كان لا يأكل الثوم ونحوه.
قال الحافظ: لو كان هذا هو السبب في ذلك لكان من خصائصه، وليس كذلك، فإن أنسا اقتدى به في ذلك. وقد ورد النهى عن رده مقرونا ببيان الحكمة في ذلك، في حديث صحيح رواه أبو داود والنسائي وأبو عوانة من طريق عبيد اللَّه بن أبى جعفر عن الأعرج، عن أبى هريرة مرفوعا: من عرض عليه طيب فلا يردّه، فإنه خفيف الحمل طيب الرائحة.